للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخلقوا معانى من غير كلمات الشاعر، وفهمنا ضمنا أنه استعان بأحد العارفين في الشعر .. فتوصل إلى هذه المعانى، وكتبنا جميعا ما قال الزميل عبد الكريم، أن مقصد الشاعر أن يكون الإنسان له رجل مغروسة في التراب، ورأس ملتصق بالسحاب، وقدمنا الكراسات للأستاذ وكلها مكتوبة في سطر واحد وصيغة واحدة دون تنويع أو تغيير، واعتقد الأستاذ جميل أننا نسخر منه وكان صارما بقدر ما كان مخلصا ونظر إلى كراستى واستدعانى من دون التلاميذ وقال، حتى أنت فعلتها معهم؟ وصمت حياء وخجلا وعاقب التلاميذ جميعا دون استثناء وكانت هذه هي المرة الوحيدة التي أتعرض فيها لعقابه فكان شعورى بالخزى من العقاب أكبر من شعورى بالعقاب نفسه.

وفى مساء هذا اليوم بالذات كنا نسير خارج البلدة وكان الأستاذ جميل حسن يقوم بنزهته المسائية وحيدا كعادته واقترب منى أحد الناس وسألنى هل تعرف الأستاذ جميل حسن المدرس بمدرستكم؟ قلت نعم قال: أين يسكن؟ قلت لا أدرى ولكنه أمامك وأشرت إليه فذهب إليه وتحدث معه قليلا .. وعدت إلى منزلى وعدنا في اليوم التالى إلى المدرسة ولكن الأستاذ جميل لم يحضر في ذلك اليوم ولا فيما تلاه من أيام وقيل لنا أخيرا إنه سافر إلى مكة وانقضت شهور طويلة علمت بعدها أن الله تعالى اختاره إلى جواره فتأثرنا جميعا لوفاته رحم الله الأستاذ محمد جميل حسن فلقد كان أستاذا عظيما ومربيا قديرا وكان أول من علمنا الوطنية، انتهى ما نقلناه بنصه من كتابنا حبات من عنقود.

وقبل أن نختتم الحدبت عن الأستاذ محمد جميل حسن نقول إنه كان من أوائل الأدباء الذين شاركوا في كتاب أدب الحجاز الذى أصدره المرحوم الشيخ محمد سرور الصبان في عام ١٣٤٤ هـ وله في قسم المنثور مقالان يفيضان حماسة

<<  <  ج: ص:  >  >>