للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الأستاذ محمد جميل حسن رحمه الله أستاذا لنا بمدرسة الفلاح - بجدة وكان يعلمنا الجغرافيا والإِنشاء والحساب، وكان مربيا قديرا وأستاذا مثاليا وقدوة تحتذى، وكان بختصنى بكثير من الرعاية والتشجيع وكان درس الجغرافيا أو علم تقويم البلدان كما يسمونه الآن من أحب الدروس إلينا على عهد الأستاذ جميل حسن فلقد كان درسا في الوطنية والاقتصاد قبل أن يكون درسا في أسماء المدن والمالك والبحار والغابات .. وإننى لأذكر كيف يفيض ويتدفق حينما كان يقف أمام خريطة البلاد العربية فيتحدث عن كل قطر منها وما تضمه أرضه من خيرات، وكيف كان يهاجم الاستعمار الذى كان ما زال رابضا على أرض أجزاء كثيرة من البلاد العربية، وكان يتجلى حنقه وسخطه حينما كان يصل إلى فلسطين فينقلب إلى خطيب مصقع وهو يومئ بعصاه الصغيرة إلى موقعها من الخريطة ويقول هذه القطعة المغتصبة من أرض الوطن العربى، هذا الجزء العزيز على نفوس الأمة العربية جمعاء لن نقبل بتسليمه لليهود، ويفيض في مثل هذه الموافف بحماس يملأ التلاميذ شعورا متدفقا من الغيرة والحمية .. وأعطانا الأستاذ يوما في درس الإِنشاء بيتا من الشعر وطلب منا أن نشرح مقصد الشاعر منه وهذا البيت ..

وكن رجلا رجله الثرى … وهامة همته في الثريا

ولم يفتح الله علينا بشئ، فهمنا أن المقصود أن يكون الرجل رجله في الثرى، ولكن ما هي هامة الهمة هذه المطلوب أن تكون الثريا؟ وحضرنا في اليوم التالى وجاء زميلنا الأستاذ عبد الكريم بكر وهو الآن من كبار موظفى الشركة التجارية العربية بجدة - وقال: لقد عرفت حلَّ البيت قلنا هات .. قال: إن مقصد الشاعر أن يكون الإنسان رجله في التراب، ورأسه تدق السحاب - ثم قال: إن الهامة هي الرأس والثريا هي نجم مشهور في السماء فهل تريدون أن

<<  <  ج: ص:  >  >>