أن مجلة الأحكام الشرعية ليست كما يتصور القارئ مجلة من المجلات الدورية التي تصدر في كل أسبوع أو كل شهر أو في كل بضعة شهور وإنما هو اصطلاح سبقت إليه الحكومة العثمانية حينما أصدرت مجلة الأحكام العدلية في عام ١٢٠٣ هـ وهو كتاب يشتمل على المعاملات الفقهية ووسائل الدعاوى وأحكام القضاء كما أوضح العالمان الفاضلان اللذين قاما بمراجعة المجلة المذكور وإخراجها للناس.
وهو علم الغرض منه وضع الأحكام الشرعية في صيغة قانونية إذا صح هذا الوصف، لتكون مرجعا لذوي العلاقة من العلماء والقضاة وطلاب العلم والمحامين وأصحاب القضايا وقد كانت الحكومة العثمانية وضعت هذه المجلة على أساس مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان الذى كان المذهب الرسمي لدولة الخلافة العثمانية.
وقد تفرغ الشيخ أحمد القارى رحمه الله لوضع الأحكام الشرعية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل في هذه المجلة التي أعطاها نفس الاسم الذى سبق أن أعطي للمجلة التي ظهرت في العهد العثمانى باعتبار أن هذا الاصطلاح أصبح علما على هذا الأمر.
وليس هنا مجال البحث في هذه المجلة الشرعية التي كرس أستاذنا الشيخ أحمد القارى رحمه الله حياته لجمع احكامها وتبويبها وترتيبها فهذا شأن المتخصصين من أرباب هذا العلم، وهم أحق بالحديث عنه مني ومن أمثالي. ولكني أستطيع أن أقول أن هذا العمل العظيم يضطلع به في العادة جماعة من أفاضل العلماء، يتفرغ كل منهم على ناحية من النواحى فيجمع أحكامها ويراجعها ويبوبها ويرتبها، ويعلق عليها، كأن يتفرغ واحد منهم مثلا لشئون البيع وأنواعه وأمور التجارة وما يجوز منها وما لا يجوز، ويتفرع الآخر مثلا لأحكام الشركات وأنواعها وما يتعلق بهما وما يتفرع عنهما. ويتفرغ الثالث لأحكام العقار وما إليه وربما اختص كل واحد