بابيل صاحب جريدة الأيام الشهيرة في سوريا إذ ذاك وكان على صلة وثيقة بالسيدين أبو الخير الميداني والسيد محمد مكى الكتانى رحمهما الله وكليهما من علماء سوريا وزعمائها الدينيين وفى مصر اجتمعنا في منزله بالأستاذ الشاعر أحمد رامى الذى كان ممن توثقت صلة الشيخ ضياء الدين بهم رحمه الله، كما علمت أنه كانت له صلات كتيرة يرجالات العلم والأدب في كل من القطرين وفى مصر كنت أرى الشاعر المرحوم محمد مصطفى حمام والشاعر محمد جبر لدى الشيخ ضياء الدين في أوقات متقاربة وغير هؤلاء كثيرون ممن لا تحصيهم الذاكرة وحينما كان في مصر كان على صلة كبيرة بالأمير عبد الكريم الخطابى قائد ثورة المغرب الشهيرة ضد أسبانيا وفرنسا وحينما توفى رثاه بقصيدة عصماء نشرتها له مجلة "قافلة الزيت" في تلك الأيام أما صلة الشيخ ضياء الدبن رحمه الله بشعراء وأدباء عصره فهى صلة الصداقة الكريمة والحب الخالص، كان يحب الجميع وكان الجميع يحبونه ويقدرونه وكان بما وهبه الله من خلق سمح ولسان عف لبعد عن النازعات التي تكدر علائق المودة بين الأدباء فلا يهاتر ولا يخاصم ووقف من هذه الخصومات الأدبية التي كانت تحدث بين أدباء عصره وشعرائهم موقف المحايد النائى بنفسه عن التورط فيما لا يليق بمقام العالم والأديب.
نعم لقد كان الشيخ ضياء الدين قبل كل شئ وبعده لا ينسى أنه طالب علم، وأنه تقلد القضاء وهو عمل من أرفع الأعمال وتولى التدريس وهي مهنة شريفة كريمة، وقد كان مع من يحيط به من الشباب الذى يحبونه في مقام الأبوة الحانية يرشد ويعلم ويحنو ولكرم دون أن يشعر من حوله بشئ من الاعتزاز بعلمه أو الإِدلال بمكانته، بل أنه لشعر من حوله بأنه منهم وإليهم وبهذه الصفات الكريمة السمحة تبوأ مكانه في النفوس ورسخت محبته في القلوب رحمه الله رحمة واسعة.