للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكاء الكاتب وسعة إطلاعه، وشمول إدراكه وحساسيته إزاء ما يصادفه في حياته اليومية مما يقرأ ويسمع ومما تضطرب به حياته وحياة من حوله من الناس، فإذا استطاع الكاتب أن يشدَّ القراء إلى عموده اليومى مهما كان قصيرا فهو كاتب أصيل ممتاز وأشهد أن قطوف الشيخ ضياء الدين رحمه الله كانت تجذبنى إلى قراءتها صباح كل يوم ضمن القليل الذى أحرص على قراءته في مختلف الصحف مع ضيق وقتى عن القراءة بما يزدحم به يومى من أعمال، وإذا كان لى أن أقول كلمة صغيرة عن الشيخ ضياء الدين رحمه الله كأديب فهو في رأيي كاتب مجيد وشاعر عظيم يذكرنى بالصفوة المختارة من الشعراء بأسلوبه العربى الأصيل، وعاطفته الدافقة الثَّرَّةَ وهو يمثل نمطا فريدا من الشعراء فكأنك تستمع إلى الفحول من شعراء العصر العباسى كالشريف الرضى ومهيار الديلمى أو كأنك تستمع إلى شوقى في ديباجته الناصعة ولعلى لا أفشى سرا إذا ذكرت هنا أن الشيخ ضياء الدين رحمه الله كان يسره أن يستمع إلى من ينشد ما ينظمه من شر فكان يحضر إلى مكتبى إذا نشرت له قصيدة ويطلب منى إنشادها وأشعر بنفسه تهتز رضا وهو يستمع إلى هذا الإنشاد، ولعله كان يعجب بحرصى على فهم معانى القصيدة ومراميها، فقد كنت أناقشه دائما في كل ما ينشر له من شعر، وكثيرا ما كنا نعقد المقارنات بين القصائد التي تنشر لأعلام الشعراء في موضوع واحد وإنى لأذكر هنا أننا تدارسنا القصائد التي نظمت في رثاء المرحوم رياض الصلح زعيم لبنان الكبير وفى أمثال هذه المناسبات كنا نتدارس القصائد الموسمية التي تلقى في موسم الحج والتى يشترك فيها شعراء كثيرون من داخل المملكة وخارجها وكان الشيخ ضياء الدين رحمه الله على صلة واسعة بشعراء عصره وأدبائهم فحين إقامته في الشام توثقت صلته بشعراء سوريا الكبار شفيق جبرى وسليمان الأحمد وغيرهم كما أنى اجتمعت في داره بدمشق بالأستاذ نصوح

<<  <  ج: ص:  >  >>