للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تبع فماذا تأمرانني أن أصنع إذا أنا قدمت عليه؟

قالا تصنع عنده ما يصنع أهله، تطوف به وتعظمه وتكرمه وتحلق رأسك عنده وتذلل له حتى تخرج من عنده.

قال تبع للحبرين فما يمنعكما أنتما من ذلك؟

قالا - أما والله أنه لبيت أبينا إبراهيم وإنه كما أخبرناك، ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالآوثان التي نصبوها.

استمع تبع لنصيحة الحبر بن وعاقب الهذليين بقطع أيديهم وأرجلهم ثم سار إلى مكة، فلما وصل إليها طاف بالبيت ونحر عنده وحلق رأسه، وأقام بمكة ستة أيام فيما يذكرون ينحر بها الذبائح لأهل مكة ويسقيهم العسل.

ورأى تبع في منامه أن يكسو البيت فكساه الخصف وهي ثياب غلاظ وقيل نسيج من الخوص والليف وهو الأقرب إلى إسم الخصف (١) ثم رأى تبع في منامه أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه المعافير ثم رأى أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الملاء والوصائل وهي ثياب حبرة من صنع اليمن، وجعل للكعبة بابا يغلق وقال تبع في ذلك شعرا:

وكسونا البيت الذى حرم الله … ملاءًا معضدا وبرودا

وأقمنا به من الشهر عشرا … وجعلنا لبابه اقليدا

وخرجنا منه نؤم سهيلا … قد رفعنا لواءنا معقودا

أقول وهذه الأبيات تدل على أن إقامة تبع بمكة طالت حتى بلغت شهورا عشرة كما وردت في البيت الثانى.


(١) الحصف بسط تصنع من أوراق النخيل يستعمله الناس في الحجاز لأغراض كثيرة أهمها ما كان يفرش في البيوت والمساجد، انظر كتابنا ملامح الحياة الاجتماعية في الحجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>