للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الكعبة إلى آواخر رمضان فتكسى القباطي المصرية لاستقبال عيد الفطر - القباطي هي نسيج حريرى من صنع مصر واليمن - فلما ولي المأمون العباسي الخلافة صار يكسوها الديباج الأحمر يوم التروية والقباطى يوم هلال رجب والديباج الأبيض في السابع والعشرين من رمضان.

وكان الخلفاء والملوك يكتبون أسماءهم على كسوة الكعبة كما هي العادة الجارية إلى يومنا هذا وكانت هذه الكسوة غالبا من الديباج والقز الرقيق وبألوان مختلفة فيها الأبيض والأحمر والأصفر، وكان بعض الخلفاء والملوك يحضرون الكسوة معهم إذا حضروا للحج ويتنافسون في ذلك.

وفى سنة سبعمائة وثلاثة وأربعين للهجرة أوقف عليها الملك الصالح إسماعيل بن الناصر محمد بن قلاوون قريتين من نواحى القاهرة يقال لهما - بيسوس وسندبيس اشتراهما بماله من وكيل بيت المال ووقفها كلها على كسوة الكعبة ولم تزل تكسى من هذا الوقف كما يقول ابن حجر في فتح البارى إلى سلطنة الملك المؤيد شيخ سلطان العصر.

ولقد كانت الحالة السياسية في البلاد الإسلامية تنعكس آثارها على كسوة الكعبة كما كان الحال بالنسبة للخطبة والدعاء للخليفة مما سلف تفصيله في حديثنا عن المنبر والخطبة في المسجد الحرام فكان صاحب النفوذ الأكبر من السلاطين والملوك هو الذى تقدم كسوته فيكسى بها البيت الحرام فلقد ذكرنا ما كان من أمر إرسال الكسوة من مصر من ريع القريتين اللتين أوقفهما الملك الصالح إسماعيل لهذا الغرض، ولقد حاول ملك الشرق شاه بروخ في عهد سلطنة الملك الأشرف برسباي أن يكسو الكعبة وطلب الأذن له بذلك من الملك الأشرف فلم يقبل فراسله أن يسمح له بكسوة الكعبة من الداخل فأبى فكتب إليه مرة أخرى أن يرسل الكسوة إليه وهو يرسلها من قبله وتكسى بها الكعبة ولو يوما واحدا لأنه نذر كسوتها ويريد الوفاء بنذره، قالوا واستفتى الملك الأشراف علماء العصر فتوقف الكثيرون منهم عن الجواب، وأفتى بعضهم بعدم الجواز ممالأةً لهوى السلطان وقال

<<  <  ج: ص:  >  >>