كان الرجل خزانة أدب تنقله إلى الناس وتتوارثه الأجيال وقد احتل اسمه مكانه العظيم بهذه الصفة وحدها صفة الجمع والتدوين.
ولست أقول أن الساسي يأتى في هذه المرتبة من الرواة ولكني أستطيع أن أقول أنه كان فرعا صغيرا في شجرة عظيمة، وان هذا الفرع الصغير فيه من الشذى والثمر ما يزكو ويطيب وعلى هذا الأساس وحده نقوّم عمل الساسي في الحفظ والجمع فإبداعه هو في حفظ الإبداع وجمعه ثم نشره على الناس.
وكأنما أبت طبيعة الساسي عليه أن يقتصر كتابه في الأدب المقارن على إجابات الأدباء فأضاف إلى الكتاب بعض مساجلات الشعراء أنه عاشق شعر وقد ضمت هذه المساجلات الشعرية قصائد ومقطوعات شعرية للأساتذة العواد والغزاوى وحمزة شحاتة وأحمد قنديل رحمهم الله وحسين عرب وحسين سرحان مد الله في حياتهما ولعل بعض ما سجله الساسي في هذه المساجلات لم يرد فيما نشر من دواوين هؤلاء الشعراء، فهي بصورة من الصور يمكن أن تكون مما يرجع إليه الدارسون لشعر هؤلاء الشعراء.
ونقتطف الآن شيئا من هذه المساجلات ونبدأها بالمساجلة بين الشاعرين الكبيرين محمد حسن عواد وأحمد إبراهيم الغزاوى: بعث العواد إلى الغزاوى يقول:
أيها البلبل المغرد بالشعر … ألا أين ذلك التغريد؟
لم آثرت تنزوى الشهر … تلو الشهر مستعصيا عليك القصيد
(ادلالا هجرته أم ملالا) … أم اتاه منك القلى والصدود
لا تغادر فن النظيم يعانى … منك ما لا يطيقه المعمود