للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن كان للبحر رجاله وعماله من أهل المدينة قبل التطور العظيم الذي أدخل على ميناء جدة (١).

نقول كان رجال كل حارة يعتبرون حارتهم معقلا لهم وينظرون إليها نظرة فيها كثير من العصبية إذا جاز هذا التعبير فلا يسمحون لرجال الحارات الأخرى بالدخول إليها في المواكب والحفلات إلا بعد ترتيب خاص يخبرون فيه أهل الحارة بقدومهم، وحدث أن أقام الشيخ محمد الطويل كبير جدة في ذلك الزمان عرسا لأحد أقربائه وكان الشيخ محمد الطويل من سكان حارة الشام وكان أهل العروس يسكنون في حارة اليمن وفي الهزيع الأخير من الليل قام موكب العريس من بيت الشيخ محمد الطويل بحارة الشام يحف به المنشدون المشهورون في ذلك الوقت وتتقدمه المصابيح الغازية الكبيرة - الأتاريك - يحملها الرجال، كما كان يمشي حملة مباخر العود بين يدي العريس وحينا وصل الموكب الذي كان يمشي فيه كثير من أعيان المدينة ورجالها وشبابها إلى حدود حارة اليمن وتقع هذه الحدود أمام مسجد المعمار عند بيت آل الجمجوم في ذلك الوقت تعرض بعض أهل حارة اليمن للموكب وطلبوا منه العودة من حيث أتي قائلين - هذه حارتنا ولن نسمح لكم بالدخول وأصر أهل حارة الشام على الدخول فكيف يعودون ومعهم هذا الموكب الضخم العظيم وفقد رجال الحارتين أعصابهم فتسابوا ثم استعملوا عصيهم يضربون بها بعضهم بعضا وانفرط عقد الموكب وتفرق الناس خائفين على أنفسهم من نتائج المعركة المجنونة التي نشبت فجأة دون إنذار والتي أوقد شعلتها شباب غير مسؤولين فقدوا أعصابهم في ساعة من ساعات الحمية الكاذبة ولم يستطع العقلاء التدخل وإيصال العريس إلى منزل عروسه إلا بعد مشقة وتعب ولكن كان الضرب قد حدث وكذلك الإصابات في الجانبين وتدخلت الشرطة وأخذت


(١) أصبحت محلات جدة أو حاراتها الآن أكثر من عشرين حيا وأصبحت لها عدة بلديات بعد أن تضاعف نمو المدينة أكثر من عشرين ضعفا ..

<<  <  ج: ص:  >  >>