التجار غلامه بإرسال الحديد إلى مكة وأرسل الغلام الحديد المطلوب فلما وصل إلى صاحب مكة وجد أن الحمل الذى أرسل كان من الذهب الخالص وقد علاه الصدأ من طول بقائه فتغير لونه فظنه الغلام حديدا فبعثه على أنه من الحديد، ولكن والي مكة الذى عرف أن الذهب في مخازن تجار جدة موجود على شكل قضبان من الحديد طمع في حمل آخر فأرسل إلى شيخ التجار يطلب حملا آخر من نفس الصنف، وقد تنبه التاجر فاستدعى غلامه الذى أرسل الحمل الأول وسأله عن الحديد الذى أرسله إلى مكة فقال حمل حديد اصفرَّ بتشديد الراء.
أيقن شيخ التجاران الحمل الذى أرسل إلى صاحب مكة كان من الذهب الخالص وليس من الحديد كما أيقن بأطماع أمير مكة وما تجره هذه الأطماع عليه على تجار المدينة جميعا، وهنا تختلف الرواية، فتقول إحدى الروايتين أن أمير مكة الأمير داود بن إبراهيم هاجم جدة بالأعراب وحاصرها فهرب التجارب بأموالهم واهليهم وكلما يملكون، والرواية الأخرى تقول أن شيخ التجار استشار أحد كبار السن في المدينة فأشار عليه بالنزوح من المدينة فنزح تجار جدة بكل ما يملكونه وركبوا البحر فسكن قوم منهم السرين والراحة وعتر والجرعة والدرعة والشميد وجزيرة ذهبان وكسران وبنو موسى وباب موسى، ويعلق ابن المجاور على القصة فيقول فلما خلت الأرض من الأحباب ملكها الأعراب. (١)
ويعلق المؤلف على ذلك أن هجرة أهل جدة نتيجة لمحاصرة الأعراب لها كانت جماعية وأنها كانت إلى ناحية الجنوب لأن أكثر الأسماء التي أوردها الدمشقي هي من مدن اليمن.
أقول والمتأمل في الرواية التي أوردها ابن المجاور لا يطمئن إلى حكاية الحديد الذى طلبه أمير مكة فأرسل إليه حمل ذهب بدلا منه فالذهب مهما كثر عند شيخ