للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطلب منه اطلاق حقوق الأشراف إليهم، ولكن الشريف سعيدا أمير مكة لم يحفل

بالأمر فما كان من الأشراف إلا أنهم اجتمعوا وعزلوا الشريف سعيد وولوا بدلا منه الشريف عبد المحسن وتجمع الأشراف قرب جدة في منطقة غليل وأرسلوا إلى سليمان باشا يذكرونه بوعده لهم وبما تم الاتفاق عليه معهم وطلب منهم سليمان باشا الدخول إلى جدة فدخل بعضهم وبقى البعض الآخر في غليل على حذر.

ويبدو أن سليمان باشا كان من دهاة الرجال وقد أحكم خطته فاستبقى الأشراف في جدة وكتب إلى الشريف سعيد أمير مكة وكذلك إلى والده رسالة يقول فيها:

أن الأشراف نزلوا غليلا لمحاصرة جدة ومنعهم أهلها من الماء (١) وربما يحدث منهم خلاف على البندر - مدينة جدة - وليس لنا قدرة على دفعهم، وأرجو أن تخرجوا إليهم ونحن من عندنا معكم أو تدفعوا ما هو لهم من المعاليم ليرجعوا عما هم فيه من مضرتنا ومضرتكم وليدخلوا تحت الطاعة، وإن كنتم عاجزين عن ذلك فأخرجوا من البلاد فقد نعين لها من يقوم بحفظها.

إن المتأمل في رسالة الوالي يجدها مبطنة بالتهديد فهو يخيره بين القضاء على مشكلة الأشراف الذين يعبثون بالأمن إما بالقوة ويعده بالمساعدة على ذلك، أو بالحسنى بدفع مالهم من استحقاقات وفى حالة عدم استجابته لأي الأمرين يدعوه إلى ترك إمارة مكة لأنه يصبح عاجزا عن القيام بواجباته.

وركب الشريف سعيد رأسه فكانت إجابته لسليمان باشا - ليس لهم عندنا إلا السيف أو يرضون بالحيف.

لم يضع سليمان باشا وقتا فاستدعى الشريف عبد المحسن بن أحمد بن زيد فعقد له إمارة مكة بحضور القاضي والأشراف والأعيان وهيأ له كل ما يحتاجه من عساكر خيالة ومشاة وأمن له المرتبات اللازمة من المطعم والمشرب، وكتب إلى المدينة المنورة


(١) منطقة غليل فيها عين الماء التي تستقي منها جدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>