للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المدينة فالحقت الخراب ببعض أجزائها، ولم تستطع القلعة البحرية مقابلة هذا الهجوم بما لديها من مدافع قديمة وأسلحة أكل عليها الدهر وشرب.

وقد رأت الدولة العثمانية أن من الحكمة تسوية هذه المسألة فاجرت تحقيقا في الحادث الخطير وعاقبت القائمين به والمحرضين عليه بالقتل والنفي، وقد نفذ القتل في عبد الله المحتسب الذى كان محتسب مدينة جدة - المحتسب هو رئيس البلدية - وسعيد العامودي وغيرهم وكان من ضمن المنفين الشيخ يوسف باناجة والد المترجم (١).

وقد توفي الشيخ يوسف باناجه في منفاه بجزيرة قبرص فعاد عبد الله باناجه مع أخيه عبد الرحمن ووالدتهما إلى جده، وكان اخوهما الأكبر محمد باناجه هو الذى يشرف على شئون العائلة منذ نفي والدهم من البلاد. ونشأ عبد الله باناجه في جدة وتعلم أولا في قبرص حينما كان والده منفيا بها وربما أتاح له هذا تعلُّم اللغة التركية هناك فقد كانت الجزيرة تحت حكم الأتراك وبها جالية تركية إسلامية كبيرة وعلى أي حال فقد نال من العلم ما كانت تسمح به ظروف ذلك الزمان، ولما بلغ مبلغ الشباب عظم الخلاف بينه وبين أخيه الأكبر محمد الذى هو رئيس العائلة وكان جافي الطبع شديدا في تصرفاته فلم يستطع عبد الله العيش مع أخيه هذا فهاجر إلى مدينة الاستانة - اسطنبول - عاصمة الخلافة العثمانية وهي في أوج مجدها وازدهارها.

واشتغل عبد الله باناجه بتجارة المجوهرات من اللآلئ والأحجار الكريمة، وكان لهذه التجارة سوقها الرائج إذا جمع صاحبها بين حسن الاختيار وجمال التنسيق وصاحب ذلك الكياسة وحسن السياسة.

ووجد عبد الله باناجه طريقه إلى بلاط الخليفة وقصوره بما تحمله من نفيس الجواهر وكريم اللآلئ فاصبح مقربا إلى البلاط ولم يمض طويل وقت حتى عيَّنه


(١) انظر تفاصيل القصة في كتاب موسوعة تاريخ مدينة جدة ٩٤/ ٩٥ للأستاذ عبد القدوس الأنصاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>