للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الشيخ عبد الرحمن باناجه كما ذكرنا قبل، وقد أدركت الشيخ عبد الرحمن باناجه في الأربيعينات والخمسينات وهو رجل أشيب نحيف البدن شديد الشبه بأخيه عبد الله باشا ولعله كان في الثمانينات وظل يقوم على إدارة هذه التجارة الواسعة ويشرف على كل كبيرة وصغيرة في أمور العمل وفى أمور العائلة الكبيرة التي يرأسها فقد وهبه الله الكثير من الأولاد والبنات وشاهد الأحفاد وربما أبناء الأحفاد، وكان بيت باناجه في عهده يحتفظ بمجده وثرائه وبكلما خلفه اخوه عبد الله باشا رحمه الله فلقد كان الرجل حصيفا، وكان آل باناجه يعدون أعظم بيوت جدة التجارية ثراء ولعله كان أعظم بيوت المملكة كلها ثراء في عهده.

وتوفى عبد الرحمن باناجه رحمه الله في عام ١٣٥٧ هجرية وقام بالأمر أبناؤه محمد صالح وعمد سعيد وما لبث أن توفى ابنه أحمد ثم لحقه ابنه الثانى محمد صالح وبدأت التغيرات الكبيرة تظهر في الشثون التجارية بعد الحرب العالمية الثانية وظهرت طبقة جديدة من التجار خرجت عن الطور التقليدي الذى كان معروفًا للتجار القدماء واتصلت بالعالم الواصع، وكان حتما على كل تاجر أن يساير التطور الجديد ويتواكب معه، وإلا جرفه التيار وأصبح مثله كما يقول الشاعر:

تقدمتني أناس كان خطوهم … وراء خطوي لو أمشي على مهلي

هاجر آخر كبار العائلة المرحوم محمد سعيد باناجة إلى مصر مكتفيا بما يدره عقار أسرته الواسع هناك من دخل وبهجرته إلى مصر انتهى أمر البيت التجارى الكبير في جدة، واشتغل الجيل الجديد من آل باناجه بأعمال مختلفة أتجه بعضهم إلى أعمال خاصة صغيرة واتجه البعض إلى الوظائف وتقسم العقار الكبير وبيع معظمه. وانطوت صفحة عظيمة من الثراء والجاه استمرت ما يقرب من مائة عام. ولكني ألمح الآن بسرور عظيم بوادر الحياة والنشاط تدب بين أبناء الجيل الحاضر من هذه الأسرة الكريمة فقد رأيت وسمعت عن مؤسسات متعددة تحمل هذا الاسم الطيب في أماكن مختلفة من مدينة جدة وإني لأرجو أن يستعيد هذا الجيل من شباب الأسرة السمعة الطيبة والنجاح الذى حققه أجدادهم وآباؤهم من قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>