للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهورا عديدة، وبحثت الموضوع مع المرحوم الشيخ عبد الله باحمدين واتفق الرأى على أن كتابة المصحف ستكون بداية لعمل عظيم فهو أول مصحف يكتب في مكة المكرمة، ويطبع فيها وينشر منها، حيث نزل القرآن أول ما نزل في مهبط الوحي في مكة المكرمة.

وحضر الشيخ طاهر إليَّ بعد الغروب وتم الاتفاق بيني وبينه على كتابة المصحف الشريف، وكان الاختلاف الوحيد بيننا هو أنه حدد المدة اللازمة لإتمام كتابة المصحف في حدود عامين، وكنت أنا متعجلا أرغب إتمام هذا العمل خلال عام واحد، ولما رأى الشيخ طاهر رحمه الله إلحاحي قال لي إن هذا عمل بالغ الدقة، وأنني لا أستطيع الإقدام عليه إلا وأنا في حالة نفسية متهيئة له التهيأ الكامل ثم أردف قد ابدأ بالكتابه واستمر فيها أياما أو أسابيع ولكن قد يطرأ ما يمنعني عن الإمساك بالقلم أياما وأسابيع أخرى، فدعني أتصرف بما يمليه عليَّ مزاجي ولا تنس أن الخط عمل فني، مثل الرسم، والشعر والكتابة، والفنان لا يقدم على ممارسة فنه إلا إذا تهيأت له الأسباب النفسية أولا، وكنت أعرف إنما يقوله الأستاذ طاهر صحيح كل الصحه فوافقت عليه.

هذا وقد طلب الشيخ طاهر ورقا معينا وأقلاما وأحبارا معينة، وكان الزمن زمن حرب ولكن الله تعالى يسر الأمر فوجدنا كلما طلبه في مكة المكرمة.

وبدأ العمل واتفقنا أن يكون المصحف موافقا للرسم العثماني، ومضت الشهور وكنت كلما رأيت الشيخ طاهر سألته ماذا فعل؟ فيجيب أنه مستمر في عمله، وكان قد أحضر لي بعض الصفحات من أوائل ما كتب وأطلعني عليها، ثم عاد بعد أسابيع وأطلعني على نفس هذه الصفحات وقد كتبت مرة أخرى بخط أحسن وقال أن هذا هو الفارق بالنسبة لمزاج الخطاط حينما يكتب.

ولا أريد الإطالة على القارئ فقد انتهى الشيخ طاهر من كتابة القرآن الكريم بعدما يقرب من ثلاثة أعوام، وقبل الانتهاء كنا قد تقدمنا إلى الحكومة نطلب تأليف لجنة لتصحيح المصحف الذى قام بكتابته الشيخ طاهر رحمه الله فألفت

<<  <  ج: ص:  >  >>