للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن آفاقها الواسعة وفنونها المتنوعة تسوقها أحيانًا إلى الاستطراد في شيء هام له علاقة بمكة، فإذا استطاع المطلع أن يقتنص الاستطرادات من هذا النوع فإنه سيستنتج مادة لها قيمتها في الكتابة عن تاريخ مكة، ولا يتيسر هذا إلا لمتفرغ يقضي سني حياته في القراءة واقتناص ما يصادفه فيها (٣).

ومع ذلك فقد استطاع السباعي أن يجمع أشتات هذا التاريخ في كتاب يقرأه القارئ في أبواب يستعرض فيها الدول التي حكمت مكة وارتبطت مكة بها سياسيًّا، ولقد استعان المؤلف بمن سبقه من المؤرخين، وإن كان المطبوع من مؤلفات هؤلاء المؤرخين يصل إلى حدود وأزمان معينة، فلجأ إلى المخطوطات وبعضها عظيم القيمة، وأكثرها لا يستحق ما ينفق في قراءته من وقت، أو يبذل في سبيله من عناء، وقد قضى السنوات الطوال وهو يقرأ ويدوِّن كلما يصادفه في مذكراته فاجتمع له كما يقول مع السنين مدونات لا حصر لها من جميع الألوان غثها وسمينها (٤)، ثم عكف بعد ذلك على اختيار المادة الصالحة من هذه المدونات وترتيبها حسب العصور وعلق عليها بما أملته عليه الحوادث والأيام، فاستوى له في النهاية كتابه العظيم.

إنه جهد تنوء به العصبة أُولو القوة ولكن السباعي قام به وحيدًا فردًا .. إننى أُقدر قيمة الكتاب الذى أقرأه بما يضيف إلى معلوماتي من الجديد والمفيد، ولقد كان كتاب "تاريخ مكة" بالنسبة لي وأكاد أجزم


(٣) مقدمة تاريخ مكة: ص ٧ (الطبعة الرابعة).
(٤) نفس المصدر: ص ٧، ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>