للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هناك مسألة أخو هي مراجع السباعى التي أخذ منها والتى اعتمد عليها، والتاريخ بالذات كما ذكرنا ينقل وينقد ومن الواجب أن يشير المؤلف إلى المصدر الذي استقى منه الحادث إشارة واضحة تشمل الكتاب والجزء والصفحة؟ واسم المؤلف وتاريخ الطبعة، وهذا نقص ملموس في تاريخ مكة إذا رغب الناقد أن يخضعه للمقاييس الحديثة في التأليف، وقد أدرك السباعى ذلك فقال: إنه اعتمد على المدوّنات التي دوّنها خلال السنين وإنه لو أراد الرجوع إليها لاقتضاه هذا عمرًا جديدًا، ولهذا فقد اكتفى بسر مصادره في نهاية الكتاب. وقال: إنه اقتدى في ذلك بالدكتور طه حسين، وردّنا على السباعي: إن طه حسين ذكر في مقدمة ما ألَّف في هذا الباب إنه لا يكتب تاريخًا موثّقًا، وإنما هي آراء عنَّت له بعد قراءته للكتب التي ذكرها، وطه حسين حينما يقول هذا ينفى عن مؤلفاته هذه الصفة العلمية التي هو من أعرف الناس بها.

أراد طه حسين أن يعبّر عن آراء معيَّنة زيَّن له هواه أنها تمثل الجرأة وحرية الرأي، ولكنه يعرف أنها إذا ما أُخضعت لموازين النقد التاريخى تذوب كما يذوب الزبد في أعقاب الموج، فكتب ما كتب واكتفى بذكر مصادره دون تدقيق أو ترتيب.

ولم يذهب السباعي مذهب طه حسين، ولا سلك سبيله فالفرق بينهما هو الفرق بين من يكتب وهو يريد الوصول إلى غاية حدَّدها، وبين من يكتب وهو يريد أن يتحرَّى الحق والصدق فيبرزهما إلى الناس.

وبعد فإن هذا النقص في كتاب السباعي لا يُنقص في نظري من قيمته، ولا يغضُّ من مكانته، وإن تدارُك هذا الأمر ليس بالعسير

<<  <  ج: ص:  >  >>