للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الشراكسة بحكم جهلهم اللغة العربية وميلهم إلى الأبهة والبذل كانوا يفضلون أن يعتمدوا على من يخدمهم، ويدلهم على مشاعر الحج ويتلو أمامهم أدعيته (٤٢).

أقول: هذا ما ذكره الأستاذ السباعى، ولي رأي آخر في نشأة الطوافة بمكة، رأيت أن أوضّحه هنا:

من المعلوم أن كثيرًا من القادمين إلى الحج يتخلَّفون في مكة المكرمة لأسباب كثيرة، منها الرغبة في مجاورة البيت الحرام لطلب العلم أو لقصد العبادة، فقد كان عمر بن الخطاب - ضى الله عنه - ينادي في الناس بعد انقضاء الحج: يا أهل الشام شامكم، ويا أهل اليمن يمنكم، ولم يكن هناك من القوانين ما يمنع الراغب في الإِقامة من تحقيق رغبته، وفي تصوري أن هؤلاء المتخلفين في مكة والمجاورين بها، كانوا يستقبلون الوافدين من أهل بلادهم فيستضيفونهم ويعينونهم على أداء المناسك، وقد تطور الأمر فيما بعد حينما أخذ أمراء مكة يمنحون المطوفين صكوكًا بتحديد الأجناس، والأماكن لقاء مبالغ معينة من المال، وقد أخبرني الشيخ محمد جعفر لبنى رئيس لجنة قضايا المطوفين وكان هذا في الخمسينات من القرن الهجري الرابع عشر أن أَقْدم تقرير اطلع عليه في الطوافة تقرير بيت صحرة مطوفي العجم، وقال: إن هذا التقرير يعود إلى ستمائة سنة مضت أي في منتصف القرن التاسع الهجري كما يدل على أن موضوع الطوافة كان قد وصل إلى الحد الذي يتدخل فيه أمراء مكة فيصدرون به الصكوك لأشخاص بعينهم.


(٤٢) تاريخ مكة (ج ١): ص ٣٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>