للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الضيافات ووضع يده مع التجار على سائر المرابحات، حتى نمى ماله، وترقى في حاله، وجلبت إليه الهدايا، والخيل المسوّمة والعربة وغير ذلك إلى أوائل سنة ١٢٨٨ هـ عزل عنها، وبعد عزله توجه إلى الآستانة في سنة ١٢٨٨ هـ، فمكث بها خمسة أيام ثم توفي إلى رحمة الله. وتولى محله قاسم باشا، ومع ذلك كان لا يوقر كبيرا، ولا يرحم صغيرا، فبهذا ترقى في أسرع مدة، ولكنه صنع بعض خيرات بجدة، وكف العامة عن التعرض لبعضهم ولغيرهم، وسوى بين غنيها وفقيرها، في المقام حتى تم العام.

أقول: لقد صوّر لنا الحضراوى القائمقام نورى أفندي رجلًا حازمًا أخذ على عاتقه إصلاح مدينة جدة وتطويرها فقد قام بردم البحر من ناحية الميناء بمقدار خمسة عشر ذراعًا، وأحدث رصيفا تقف عليه السنابيك الناقلة للبضائع، والركاب من البواخر التي تقف خارج الميناء المليء بالشعاب المرجانية، فأفسح مكانًا للبضائع، ووسع على الحجاج في زمن الحج، وهو عمل عظيم في ذلك الزمان.

كما قام بتسقيف جميع أسواق مدينة جدة بالخشب، فحمى بضائع التجار من حرارة الشمس في الصيف وأتاح لمرتادي الأسواق والسائرين فيها المشي في ظل ظليل، ولقد أدركت أسواق جدة خلال القرن الرابع عشر الهجري وهي مسقفة بهذه السقوف الخشبية التي سماها الحضراوي صنادق، باستثناء شارع قابل الذي استورد له آل قابل سقوفا حديدية من ألمانيا في ذلك الزمان.

وقام بتنظيم الأسواق فجعلها على مستوى واحد لا يبرز منها دكان عن آخر، وقام كذلك بإلغاء الدكاكين التي بنيت من الخسف أو السعف والتي سترت بالقمايق الغليظ من الخيش.

<<  <  ج: ص:  >  >>