للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يكتف بهذا كله فأمر أصحاب الدكاكين بنقش الأخشاب ليسبغ عليها صورة فنية جميلة. وأهم من هذا أو ذاك أنه كف الناس عن مقاتلة بعضهم البعض، وكانت العصبية للحارة والمحلة ربما أحدثت قتالا بين الناس يصاب فيه المصابون، وربما استشرت الفتنة فوصل الأمر إلى حد القتل.

وقام بعد هذا بإنشاء سوق خاص بالجزارين وباعة الخضار فجمعهم في ذلك السوق الذي أطلق عليه اسم - النورية - نسبة إلى نوري أفندي، ثم نوري باشا، كنت أعرف النورية في جدة وأرتادها، ولكني لم أكن أعرف تعليلا لاسمها إلى أن قرأت كتاب الحضراوي الذي نتحدث عنه هنا.

ثم أنشأ بعد ذلك سوقًا خارج باب مكة وقد أدركت هذا السوق وأغلب مرتاديه من الأعراب الذي يردون مع قوافل الجمال التي تحمل البضائع من جدة إلى مكة والمدينة وسائر مدن الحجاز.

ورأى حاجة الناس إلى الماء، وشحه بالمدينة فقام بإصلاح العين التي أجراها السلطان الغوري فأنعش نفوس أهل البلدة، وأغاثهم، ولم يكتف بهذا فبنى صهريجًا كبيرًا باسم الدولة شغل في بنائه المساجين فكان أكبر صهريج لحفظ الماء كما وصفه الحضراوي، وهذه الصهاريج كانت بالنسبة لمدينة جدة ضرورة من أكبر الضرورات.

ورأى القائمقام جبال القمامة التي كانت تسمى الكداوي - واحدتها كدوة - تحيظ بالمدينة من أطرافها فأزال هذه الكداوي ونظف البلدة من القاذورات والقمائم، وكان بعضها أمثال الجبال كما يقول

<<  <  ج: ص:  >  >>