خذوا من لسان الدمع شاهد لوعتي … فكل بليغ بعد دمعي باقل
ولم يبكني إلا السوابغ والظُّبا … وسُمْرُ القنا فيما أرى والحجافل
لَقًى في جفير السِّلْم صونًا من القذا … ويا طالما التفَّتْ عليها القساطل
وللعود والجرد العتاق سوائما … تلوك شكيم الغيظ وهي هوامل
ومن كرم الأخلاق كيف سَنامُها … يبات هزيلًا والرياح ذوابل
وفرقد مجد في سماء رياسة … بدا وهو مع بُرْجِ الشرافة آفل
وإن عقود المكرمات تساقطت … وأضحت وجيد الدهر منهن عاطل
على هالِك شَقَّت عليه جفونها … عيون المعالي فهي أيّم ثاكل
فيا لمصاب في لؤي بن غالب … بنوا عمرو فيهمْ واحدٌ وهو شامل
فليت المنايا كالرجال إذا التقت … يذب الفتي عن نفسه ويناضل
إذن لم يمت صبرًا ولا حتف أنفه … ولم تتكشَّفْ من حمود المقاتل
وأسْرف في أثر الجريرة مسرف … وأذَّن للثارات حق وباطل
فدى لك مني يا حمود من الردى … رقاب القناة والصافنات الصواهل
فدى لك لو أجْدَى الفِدا لتحملت … عليه شعوبٌ جَمَةٌ وقبائل
وكل نفيس بعد ذاك دخرته … ونفسي إن أجدت فإني باذل
وكم لك من طُلَّاب وِتْرِ مهلهل … لو الخصم جَسَّاسٌ وإنك وائل
ولكنَّ ما في الجهد غير الذي تري … نصيري دمعي والتَّصَبُّر خاذل
سلام على أرض البقيع التي انطوت … عليك وشقتها الغيوث الهواطل
من المرسلات الرائجات عَشِيَّةٌ … منائح ضرع المزن فيهنّ حافل
وليًّا على الوسميِّ أنْوا تتابعت … إذا شحَّ منها وابل سَحَّ وابل
رحلت ومن حرصي على العود أنني … أُؤمل في نفسي بأنك قافل
تقدمت في الركب المغذِّين للبِلا … ولكن باقي السفر بعدك راحل