فقابلك الرحمن منه برحمة … وعفو وغفران ونعم المقابل
أبا طالب لا فاتك الصبر إنه … جميل به تنسي الأسى بل تجامل
وكيف سلوٌّ من حزين إذا بدا … له ذاك يومًا ذكَّرته المنازل
وما جزعٌ عند الحليم بنافع … ولا تحت حمل الهم والحزن طائل
لعمرك إنَّا في المصاب لواحد … جميعًا وإن الحزن للكل حاصل
وإن كان صبري ناقصًا وتجلُّدي … فدمعي بإيضاح التلهف كامل
وما حال عهد الود عما عهدته … بَلَى وأَبي لكنَّ جسمي حائل
فلا تبْغ من سجع البلابل في الدُّجى … معينًا فعندي في الفؤاد بلابل
وطائر شجوي بالمراثي مترجم … تطارحه وُرْقَ الرُّبا وتساجل
على القرب أمليك الجوى وإذا نأت … بك الدار يوما فالدموع رسائل
تَعَزَّ ويكفيك العزاء بمن خلا … وراك ويشفيك القرون الأوائل
ومهما تشا فاطلب من الأرض شاهدا … فصيحا فكم فيها مجيب وقائل
إلى الله شأن في الضمير سترته … أروح وأغدوا وهو جاء وجائل
فهمنا عن الأيام سرَّ فعالها … وشتان دارٍ بالأمور وجاهل
تصرِّف من تهوى وتَصْرِف من تشا … وما بين ما تعطي وتأخذ فاصل
خذ الحُكْم من حظ اللئيم فإنه … يفيدك إن الدهر هازٍ وهازل
وإلا فللدنيا مُعَلًّى وناقصٌ … قسيمٌ وللأخرى سفيح وفاضل
صرفنا عنان الاعتراض لأننا … علمنا بأن الله للكل فاعل
فدونك من خدن القريض ظعائنا … يروقك معني حسنها والشمائل
ملاهي ينسين المصاب وإنها … وأعجب ما فيها إليه وسائل
ودمنا لا عدمنا في سلامتك البقا … تُسَرُّ بك الدنيا وتُزْهى المحافل
مدى الدهر ما أنشا وأنشد قائل … نعم إن سرح الصبر جاف وجافل