وقد أنشدت هذه المرثية زين العابدين بن الشيخ سعيد المنوفي فاستحسنها، ثم قال: ليتني كنت الميت وإني رثيت بها ثم مات بعد أيام في سنة ١١٥١ هـ (٢٩٥) يقول البيتي فرثيته والقصيدة من عيون شعر البيتي وقد استوقفني فيها هذه الأبيات:
فليت المنايا كالرجال إذا التقت … يذب الفتي عن نفسه ويناضل
إذًا لم يمت صبرا ولا حتف أنفه … ولم تتكشف من حمود المقاتل
وأسرف في أثر الجريرة مسرف … وأذَّن للثارات حق وباطل
يتمنى الشاعر أن تكون المنايا كالرجال، يقابلها المرء وجها لوجه، فيدافع عن نفسه، ويذب عن روحه، لو كان الأمر كذلك لما مات حمود في فراشه حتف أنفه دون أن يستطيع الدفاع عن نفسه، ولما تكشفت مقاتله للموت يسدد إليها سهامه فيصيبه الإصابة القاتلة، ومن هذا المعنى نستخلص أن حمودًا هذا كان من الشجعان الذين تتجلى شجاعتهم في ميادين القتال، وهم يقاتلون الأبطال، ويصاولون الرجال، والمعنى طريف وجديد، ولا أدري إن كان البيتي قد سُبق إليه من فحول الشعراء قبله، أم لم يسبق، ولكنه معنى طريف أجاد البيتي صياغته في هذا الأسلوب البديع.
أما القصيدة التي رثى بها البيتي الشيخ زين العابدين الذي أوردنا خبر استحسانه لمرثية البيتي للشريف حمود فهي لا تقل شأوًا عن رثائه