للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجميلًا عن الحياة في عصره من شتى جوانبها السياسية والاجتماعية، وأن قارئ الديوان والمتأمل فيه يخرج منه بتصور إن لم يكن كاملًا فهو شبه كامل لأحداث هذا العصر سياسية واجتماعية، ونستطيع أن نلخص هذه الأحداث السياسية أنها كانت مضطربة أشد اضطراب. فقد وصف البيتي هذه الأحداث حينما عمل بينبع أمينًا المخازن الغلال فقدم لنا صورة عن حالة الأمن المضطرب وتسلط الأعراب من البدو على مدينة ينبع ومحاصرتهم لها في بعض الأحيان، كما صور أحوال النهب والسلب السائدة في ذلك الزمان، وإهمال العثمانيين معالجة هذه الأمور بما يجب لها من الحزم والعزم، كما صور الحياة الاجتماعية في ينبع فوصف الأحوال الصحية وتسلط الحشرات في أسلوب يجمع بين الجد والهزل ولكنه يعطي صورة لما كانت عليه أحوال ينبع الصحية والاجتماعية في ذلك الزمان. أما بالنسبة للمدينة فديوان البيتي يصور لنا المدينة المنورة وهي موزعة ممزقة بين تسلط الأغوات - الخصيان - الذين كانوا يتولون مشيخة الحرام في المدينة المنورة، والذين كانوا يَسْتَعْدُونَ الأعراب على أهل المدينة. ويتحالفون مع مشايخ قبيلة حرب الذين يهرعون بأتْباعهم من البدو إلى محاصرة المدينة والذين لم يتورعوا عن تحويل المسجد النبوي الشريف إلى ما يشبه الثكنة العسكرية تتكدس فيها الذخائر والأسلحة وتستعمل المنائر لإطلاق النار منها على خصومهم من أهل المدينة، كما تسجل قصائد البيتي ما بلغه هؤلاء الأعراب من القوة والبأس حينما انتصروا على القوة التي أرسلها الشريف مسعود أمير مكة المكرمة فدحروها في رابغ، كما تصور لنا قصائد البيتي ورسائله الإهمال الفظيع الذي كانت تلقاه المدينة من الحكام العثمانيين، والذين تركوا مشايخ الحرم من - الأغوات - الخصيان

<<  <  ج: ص:  >  >>