للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعيثون فسادًا فيها، فلم يقدموا على إصلاح الأوضاع التي عمت الشكوى منها بل كان هؤلاء الأغوات لسابق خدمتهم في بيوت السلاطين يجدون دائمًا العون والنصير لباطلهم، حتى انتهى بهم الأمر إلى قتل السيد عبد الكريم البرزنجي وإلقاء جثمانه بجوار مسجد الشافعي بجدة حيث سمي المكان الذي ألقي فيه جثمانه - المظلوم - إشارة إلى الظلم العظيم الذي وقع على هذا العالم الجليل.

وفي ديوان البيتي يستشف القارئ ملامح الحياة الاجتماعية في المدينة المنورة، يرى هذه الملامح في فنون كثيرة من شعر البيتي يحفل بها ديوانه يصف بها مجالس اللهو، إن لم تكن صادقة كل الصدق لأن فيها من مبالغات الشعراء، فإن الناقد البصير يستطيع أن يستخرج منها الصورة الأقرب إلى الصدق دون عناء، وقد عالج البيتي في ديوانه فنونًا كثيرة لا تمت إلى الشعر بصلة مثل وصف الأدوية للأمراض البسيطة التي كانت في مجتمع المدينة، كما وصف صناعة المربيات وغيرها مما لا يدخل في باب الشعر، ولكن قدرة البيتي على النظم طوعت له اللغة ليصف كل هذه الأمور، ومنها يستطيع القارئ المتأمل تصور جوانب طريفة من الحياة الاجتماعية لأهل المدينة في ذلك الزمان.

رحم الله السيد جعفر محمد البيتي، فلقد كان شاعرًا عظيمًا في زمانه وبعد زمانه فأفدنا من ديوانه بعد مرور أكثر من مائتين وخمسين عامًا هذه الفائدة العظمى التي عرفنا بها أحوال المدن الحجازية في ذلك الزمان السحيق.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>