أهل الآثار ومتبعي السنن؟ نحن نقول وعلماؤنا جميعاً في الأقطار إن لمعبودنا عز وجل وجها كما أعلمنا الله في محكم تنزيله؛ فذواه بالجلال والإكرام، وحكم له بالبقاء، ونفى عنه الهلاك. ونقول: إن لوجه ربنا عز وجل من النور والضياء والبهاء ما لو كشف حجابه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره، محجوب عن أبصار أهل الدنيا، لا يراه بشر ما دام في الدنيا الفانية، ونقول: إن وجه ربنا القديم لم يزل بالباقي الذي لا يزال؛ فنفى عنه الهلاك والفناء. ونقول: إن لبني آدم وجوها كتب الله عليها الهلاك، ونفى عنها الجلال والإكرام غير موصوفة بالنور والضياء والبهاء التي وصف الله بها وجهه، يدرك وجوه بني آدم أبصار أهل الدنيا، لا تحرق لأحد شعرة فما فوقها؛ لنفي السبحات عنها؛ التي بينها نبينا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لوجه خالقنا.
ونقول: إن وجوه بني آدم محدثة مخلوقة لم تكن، فكونها الله بعد أن لم تكن مخلوقة أوجدها بعد ما كانت عدماً، وأن جميع وجوه بني آدم فانية غير باقية تصير جميعاً ميتاً، ثم تصير رميماً، ثم ينشئها الله بعدما قد صارت رميماً، فتلقى من النشور والحشر والوقوف بين يدي خالقنا في القيامة، ومن المحاسبة بما قدمت يداه ونسيه في الدنيا ما لا يعلم صفته غير الخالق الباري، ثم إما تصير إلى الجنة منعمة فيها، أو إلى نار معذبة، فهل يخطر يا ذوي الحجا ببال عاقل مركب فيه العقل يفهم لغة العرب ويعرف خطابها ويعلم التشبيه أن هذا الوجه شبيه بذاك الوجه؟ وهل هاهنا أيها العقلاء تشبيه وجه ربنا جل ثناؤه الذي هو كما وصفنا وبينا صفته من الكتاب والسنة بتشبيه وجوه بني آدم التي ذكرناها ووصفناها غير اتفاق اسم الوجه وإيقاع اسم الوجه على