للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لخالقنا مثلاً أو إن له شبهاً؟ وهذا من التمويه على الرعاع والسفل يموهون بمثل هذا على الجهال يوهمونهم أن من وصف الله بما وصف به نفسه في محكم تنزيله أو على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، فقد شبه الخالق بالمخلوق، وكيف يكون خلقه مثله -يا ذوي الحجا-؟ يقول الله القديم لم يزل والخلق محدث مربوب، والله الرزاق والخلق مرزوقون، والله الدائم الباقي وخلقه هالك غير باقٍ، والله الغني عن جميع خلقه والخلق كلهم فقراء إلى خالقهم، وليس في تسميتنا بعض الخلق ببعض أسامي الله بموجب عند العقلاء الذين يعقلون عن الله خطابه أن يقال: إنكم شبهتم الله بخلقه؛ إذ أوقعتم بعض أسامي الله على بعض خلقه. وهل يمكن عند هؤلاء الجهال حل هذه الأسامي من المصاحف، أو محوها من صدور أهل القرآن، أو ترك تلاوتها في المحاريب والكتاتيب، وفي الجدور والبيوت؟ أليس قد أعلمنا منزل القرآن على نبيه - صلى الله عليه وسلم - أنه الملك، وسمى بعض عبيده ملكاً، وخبرنا أنه السلام وسمى تحية المؤمنين بينهم سلاماً في الدنيا وفي الجنة؛ فقال: {تحيتهم يوم يلقونه سلام} (١) ونبينا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قد كان يقول بعد فراغه من تسليم الصلاة: "اللهم أنت السلام ومنك السلام" (٢)، وقال عز وجل: {ولا تَقُولُوا لِمَنْ ألقى إليكم السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا} (٣)؛ فثبت بخبر الله أن الله هو السلام كما في قوله: {السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ


(١) الأحزاب الآية (٤٤).
(٢) أخرجه: أحمد (٦/ ١٨٤) ومسلم (١/ ٤١٤/٥٩٢) وأبو داود (٢/ ١٧٦/١٥١٢) والترمذي (٢/ ٩٥ - ٩٦/ ٢٩٨ - ٢٩٩) والنسائي (٣/ ٧٨/١٣٣٧) وابن ماجه (١/ ٢٩٨/٩٢٤) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) النساء الآية (٩٤) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>