للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تطلبوا لها الدليل، وإنما ينبغي للإنسان أن يتبع الدليل، لا أن يتبع طريقاً ويتطلب دليلها! ثم انقسموا:

فمنهم متصنع في الظاهر، ليث الشرى في الباطن، يتناول في خلواته الشهوات، وينعكف على اللذات، ويُري الناس بزيّه أنه متصوف متزهد، وما تزهد إلا القميص، وإذا نظر إلى أحواله؛ فعنده كبر فرعون. ومنهم سليم الباطن؛ إلا أنه في الشرع جاهل. ومنهم من تصدر، وصنف، فاقتدى به الجاهلون في هذه الطريقة، وكانوا كعمي اتبعوا أعمى، ولو أنهم تلمّحوا للأمر الأول الذي كان عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم - والصحابة رضي الله عنهم؛ لما زلّوا.

ولقد كان جماعة من المحققين لا يبالون بمعظَّم في النفوس إذا حاد عن الشريعة، بل يوسعونه لوماً.

فنُقل عن أحمد أنه قال له المروزي: ما تقول في النكاح؟ فقال: سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -. فقال: فقد قال إبراهيم. قال: فصاح بي وقال: جئتنا ببُنيّات الطريق؟

وقيل له: إن سريّاً السقطيّ قال: لما خلق الله تعالى الحروف؛ وقف الألف وسجدت الباء. فقال: نفّروا الناس عنه.

واعلم أن المحقق لا يهوله اسم معظم؛ كما قال رجل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أتظن أن طلحة والزبير كانا على الباطل؟ فقال له: إن الحق لا يُعرف بالرجال، اعرف الحق؛ تعرفْ أهله.

ولعمري؛ إنه قد وقر في النفوس تعظيم أقوام؛ فإذا نُقل عنهم شيء،

<<  <  ج: ص:  >  >>