للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعدن على وجه لا يجوز؟! فهذا شيء لم ينظر فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أَوَلَيس قد سمعت أن الصدقة عليه حرام، فلما تُصدق على بريرة بلحم، فأهدته؛ جاز له أكل تلك العين لتغيُّر الوصف. وقد قال أحمد بن حنبل: أكره التقلل من الطعام؛ فإن أقواماً فعلوه؛ فعجزوا عن الفرائض. وهذا صحيح؛ فإن المتقلل لا يزال يتقلل إلى أن يعجز عن النوافل، ثم الفرائض، ثم يعجز عن مباشرة أهله وإعفافهم، وعن بذل القوى في الكسب لهم، وعن فعل خير قد كان يفعله.

ولا يهولنك ما تسمعه من الأحاديث التي تحثّ على الجوع، فإن المراد بها: إما الحث على الصوم، وإما النهي عن مقاومة الشبع؛ فأما تنقيص المطعم على الدوام؛ فمؤثر في القوى؛ فلا يجوز.

ثم في هؤلاء المذمومين من يرى هجر اللحم، والنبي - صلى الله عليه وسلم - كان يود أن يأكله كل يوم.

واسمع مني بلا محاباة: لا تحتجنّ عليّ بأسماء الرجال، فتقول: قال بشر، وقال إبراهيم بن أدهم؛ فإن من احتجّ بالرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضوان الله عليهم أقوى حجّة. على أن لأفعال أولئك وجوهاً نحملها عليهم بحسن الظّنّ ... وهل الناس إلا صاحب أثر يتّبعُهُ، أو فقيه يفهم مراد الشرع ويُفتي به؟! نعوذ بالله من الجهل وتعظيم الأسلاف تقليداً لهم بغير دليل! فإن من ورد المشرب الأول؛ رأى سائر المشارب كدرة.

والمحنة العظمى مدائح العوامّ؛ فكم غرّت! كما قال علي رضي الله عنه: ما أبقى خفق النعال وراء الحمقى من عقولهم شيئاً.

ولقد رأينا وسمعنا من العوامّ أنهم يمدحون الشخص، فيقولون: لا ينام

<<  <  ج: ص:  >  >>