للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زعمهم أن هؤلاء هم الملائكة من جنس زعمهم أن واجب الوجود هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق، مع اعترافهم بأن المطلق بشرط الإطلاق لا يكون إلا في الأذهان، وكذلك كلامهم في العقول والنفوس يعود عند التحقيق إلى أمور مقدرة في الأذهان، لا حقيقة لها في الأعيان، ثم فيه من الشرك بالله وإثبات رب مبدع لجميع العالم سواه -لكنه معلول له- وإثبات رب مبدع لكل ما تحت فلك القمر هو معلول الرب، فوقه ذلك الرب معلول لرب فوقه، ما هو أقبح من كلام النصارى في قولهم: إن المسيح ابن الله، بكثير كثير. (١)

- وقال: وأما قول الشاعر:

إذا بلغ الصب الكمال من الهوى فشاهد حقا حين يشهده الهوى ... وغاب عن المذكور في سطوة الذكر

بأن صلاة العارفين من الكفر

فهذا الكلام -مع أنه كفر- هو كلام جاهل لا يتصور ما يقول، فإن الفناء والغيب؛ هو أن يغيب بالمذكور عن الذكر، وبالمعروف عن المعرفة، وبالمعبود عن العبادة؛ حتى يفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل، وهذا مقام الفناء الذي يعرض لكثير من السالكين، لعجزهم عن كمال الشهود المطابق للحقيقة، بخلاف الفناء الشرعي، فمضمونه الفناء بعبادته عن عبادة ما سواه، وبحبه عن حب ما سواه، وبخشيته عن خشية ما سواه، وبطاعته عن طاعة ما سواه، فإن هذا تحقيق التوحيد والإيمان. (٢)


(١) مجموع الفتاوى (٧/ ٥٨٦ - ٥٨٧).
(٢) مجموع الفتاوى (٢/ ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>