رجل فقال: يا أبا عباس، أخبرني من القدرية؟ فإن الناس قد اختلفوا عندنا بالمشرق. فقال ابن عباس: القدرية قوم يكونون في آخر الزمان دينهم الكلام، يقولون إن الله لم يقدر المعاصي على خلقه، وهو معذبهم على ما قدر عليهم، فأولئك هم القدرية هم مجوس هذه الأمة، وأولئك ملعونون على لسان النبيين أجمعين، فلا تقاولوهم فيفتنوكم، ولا تجالسوهم، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم، أولئك أتباع الدجال، لخروج الدجال أشهى إليهم من الماء البارد. فقال الرجل: يا أبا عباس لا تجد علي فإني سائل مبتلى بهم. قال: قل. قال: كيف صار في هذه الأمة مجوس وهذه الأمة مرحومة؟ قال: أخبرك لعل الله ينفعك. قال: افعل. قال: إن المجوس زعمت أن الله لم يخلق شيئا من الهوام والقذر، ولم يخلق شيئا يضر، وإنما يخلق المنافع وكل شيء حسن، وإنما القدر هو الشر، والشر كله خلق إبليس وفعله. وقالت القدرية: إن الله أراد من العباد أمرا لم يكن، وأخرجوه عن ملكه وقدرته، وأراد إبليس من العباد أمرا وكان. إبليس عند القدرية أقوى وأعز. فهؤلاء القدرية، وكذبوا أعداء الله. إن الله يبتلي ويعذب على ما ابتلى وهو غير ظالم لا يسأل عما يفعل، ويمن ويثيب على منه إياهم وهو فعال لما يريد، ولكنهم أعداء الله ظنوا ظنا فحققوا ظنهم عند أنفسهم وقالوا: نحن العاملون والمثابون والمعذبون بأعمالنا ليس لأحد علينا منة، وذهب عليهم أن المن من الله وأصابهم الخذلان. قال سويد بن سعيد: لا إله إلا الله ما أوحشه من قول. وإن الله هو الهادي والمضل الراحم المعذب.
فقال الرجل: الحمد لله الذي مَن بك علي يا أبا عباس، وفقك الله، نصرك الله، أعزك الله. أما والله لقد كنت من أشدهم قولا أدين الله به، وقد استبان لي