للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الشرع فلقوله - صلى الله عليه وسلم - في مرض موته: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» قالت عائشة رضي الله عنها: يحذر ما صنعوا كما في الصحيح (١). وقوله - صلى الله عليه وسلم - لزينب وأم حبيبة لما قدمتا من الحبشة ووصفتا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما شهدتاه على قبور صلحاء الحبشة من المساجد والقباب: «أولئك قوم إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» أو كما قال وهو في الصحيح أيضا (٢). وفي سنن الترمذي وأبي داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج (٣).

إننا لسنا بصدد التوسع في الاستدلال على منع البناء على القبور، وإنما حدا بنا إلى هذا تأويل البيضاوي لحديث عائشة رضي الله عنها بحمله على اتخاذ قبور الأنبياء قبلة والصلاة إليها؛ فإنه غير واقع موقعه، ولا حال موضعه؛ لما يرده من صريح السنة كحديث زينب وأم حبيبة، وحديث أبي داود والترمذي المتقدمين وغيرهما من الأدلة الصحيحة، ولو عاش البيضاوي إلى زماننا على فرض صحة تأويله ورأى توسع الأمة الإسلامية في زخرفة أضرحة أوليائها وصلحائها، وتشييد القباب عليهم على هيئة تستلفت أنظار الغافلين وتؤثر على نفوسهم، وشاهد ما يجري حولها -مما صار معلوما عند


(١) تقدم تخريجه ضمن مواقف فوزان السابق سنة (١٣٧٣هـ).
(٢) أحمد (٦/ ٥١) والبخاري (١/ ٦٩٩/٤٣٤) ومسلم (١/ ٣٧٥/٥٢٨) والنسائي (٢/ ٣٧١/٧٠٣).
(٣) أخرجه أحمد (١/ ٢٢٩) وأبو داود (٣/ ٥٥٨/٣٢٣٦) والترمذي (٢/ ١٣٦/٣٢٠) والنسائي (٤/ ٤٠٠/٢٠٤٢) وابن ماجه (١/ ٥٠٢/١٥٧٥) وقال الترمذي: "حديث حسن". وصححه ابن حبان (٧/ ٤٥٢ - ٤٥٣/ ٣١٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>