وَوَجْهُ قَوْلِنَا أَنَّ اسْتِتَارَ الْقَدَمِ بِالْخُفِّ كَانَ يَمْنَعُ سِرَايَةَ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ وَذَلِكَ الِاسْتِتَارُ بِالْخَلْعِ يَزُولُ فَيَسْرِي ذَلِكَ إلَى الْقَدَمِ فَكَأَنَّهُ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَغْسِلْ رِجْلَيْهِ فَعَلَيْهِ غَسْلُهُمَا، وَالرِّجْلَانِ فِي حُكْمِ الطَّهَارَةِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِذَا وَجَبَ غَسْلُ إحْدَاهُمَا وَجَبَ غَسْلُ الْأُخْرَى ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَسْحِ وَالْغَسْلِ فِي عُضْوٍ وَاحِدٍ.
قَالَ (وَلَوْ مَسَحَ عَلَى الْجُرْمُوقَيْنِ ثُمَّ نَزَعَ أَحَدَهُمَا مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ الظَّاهِرِ وَعَلَى الْجُرْمُوقِ الْبَاقِي) وَفِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْأَصْلِ قَالَ: يَنْزِعُ الْجُرْمُوقَ الثَّانِي وَيَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَنْهُ: يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ الَّذِي نَزَعَ الْجُرْمُوقَ عَنْهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي الْآخَرِ شَيْءٌ. وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الِاسْتِتَارَ بَاقٍ فَكَانَ الْفَرْضُ الْمَسْحُ فَفِيمَا زَالَ الْمَمْسُوحُ بِالنَّزْعِ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ وَفِيمَا كَانَ الْمَمْسُوحُ بَاقِيًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا خَلَعَ إحْدَى خُفَّيْهِ. وَوَجْهُ مَا ذَكَرَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّ نَزْعَ أَحَدِ الْجُرْمُوقَيْنِ كَنَزْعِهِمَا جَمِيعًا كَمَا إذَا خَلَعَ أَحَدَ الْخُفَّيْنِ يَكُونُ كَخَلْعِهِمَا وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ لَوْ لَبِسَ الْجُرْمُوقَ عَلَى إحْدَى الْخُفَّيْنِ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْسَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْخُفِّ الْبَاقِي، فَكَذَلِكَ إذَا نَزَعَ أَحَدَ الْجُرْمُوقَيْنِ، إلَّا أَنَّ حُكْمَ الطَّهَارَةِ فِي الرِّجْلَيْنِ لَا يَحْتَمِلُ التَّجَزُّؤُ فَإِذَا انْتَقَضَ فِي أَحَدِهِمَا بِنَزْعِ الْجُرْمُوقِ يَنْتَقِضُ فِي الْآخَرِ فَلِهَذَا مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ الظَّاهِرِ وَعَلَى الْجُرْمُوقِ الْبَاقِي.
قَالَ (وَإِذَا انْقَضَى مُدَّةُ مَسْحِهِ وَلَمْ يُحْدِثْ فَعَلَيْهِ نَزْعُ الْخُفَّيْنِ وَغَسْلُ الْقَدَمَيْنِ) لِأَنَّ الِاسْتِتَارَ كَانَ مَانِعًا فِي الْمُدَّةِ فَإِذَا انْقَضَى سَرَى ذَلِكَ الْحَدَثُ إلَى الْقَدَمَيْنِ فَعَلَيْهِ غَسْلُهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْوُضُوءِ كَمَا لَوْ كَانَتْ السِّرَايَةُ بِخَلْعِ الْخُفَّيْنِ.
قَالَ (وَإِذَا تَوَضَّأَ فَنَسِيَ مَسْحَ خُفَّيْهِ ثُمَّ خَاضَ الْمَاءَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ مِنْ الْمَسْحِ) لِأَنَّ تَأَدِّي الْفَرْضِ بِإِصَابَةِ الْبِلَّةِ ظَاهِرَ الْخُفِّ وَقَدْ وُجِدَ، وَهَلْ يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِهَذَا؟ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِهَذَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَاءَ يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا وَلَا يُجْزِئُهُ مِنْ الْمَسْحِ إذَا كَانَ الْمَاءُ قَلِيلًا غَيْرَ جَارٍ وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِي الرَّأْسِ فَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ تَأَدِّي فَرْضِ الْمَسْحِ بِالْبِلَّةِ الْوَاصِلَةِ إلَى مَوْضِعِهَا لَا بِالْمَاءِ الْبَاقِي فِي الْإِنَاءِ فَبَقِيَ الْإِنَاءُ كَمَا كَانَ وَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ لَوْ تَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ لَصَارَ الْمَاءُ مُسْتَعْمَلًا بِإِزَالَةِ الْحَدَثِ فَإِنَّمَا أَخْرَجَ رَأْسَهُ مِنْ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ الْمَسْحِ بِهِ.
قَالَ (وَإِذَا اسْتَكْمَلَ الْمُقِيمُ مَسْحَ الْإِقَامَةِ ثُمَّ سَافَرَ نَزَعَ الْخُفَّ)؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَدَثِ سَرَى إلَى الْقَدَمَيْنِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ.
قَالَ (وَإِنْ لَبِسَ خُفَّيْهِ وَهُوَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ قَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ كَمَالَ مُدَّةِ السَّفَرِ) لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ انْعَقَدَ وَهُوَ مُسَافِرٌ فَأَمَّا إذَا أَحْدَثَ وَهُوَ مُقِيمٌ أَوْ مَسَحَ قَبْلَ اسْتِكْمَالِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute