للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ أَرْضٌ لَيْسَ لَهَا شُرْبٌ إلَّا مِنْ ذَلِكَ قُسِمَتْ الْأَرْضُ بَيْنَهُمَا وَتُرِكَتْ الْقَنَاةُ وَالْبِئْرُ وَالنَّهْرُ عَلَى حَالِهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شُرْبُهُ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لِأَرْضِهِ شُرْبًا مِنْ مَكَان آخَرَ أَوْ كَانَتْ أَرْضَيْنِ وَأَنْهَارًا مُتَفَرِّقَةً أَوْ آبَارًا قَسَمْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ أَوْ قِسْمَةِ النَّهْرِ وَالْعَيْنُ هُنَا تَبَعٌ لِقِسْمَةِ الْأَرَاضِيِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ فَالشُّرْبُ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ تَبَعًا، وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ فِيهِ مَقْصُودًا، فَكَذَلِكَ فِي الْقِسْمَةِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا أُجْبِرُ وَاحِدًا مِنْهُمَا عَلَى الْبَيْعِ فِي شَيْءٍ مِمَّا سَمَّيْنَاهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَإِنْ طَلَبَ ذَلِكَ شَرِيكُهُ وَكَانَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرَكُ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُجْبِرُ أَحَدَهُمَا عَلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ إذَا طَلَبَ الْآخَرُ ذَلِكَ أَوْ يَبِيعُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَيَقْسِمُ الثَّمَنَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا طَرِيقَ لِتَوْفِيرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا هَذَا وَإِذَا ثَبَتَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ لِتَوْفِيرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَكَذَلِكَ يَثْبُتُ لَهُ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ عَلَى الْبَيْعِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ تَتَعَذَّرُ الْقِسْمَةُ وَلَا يُقَالُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقْدِرُ عَلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ فَالْأَشْقَاصُ لَا تُشْتَرَى إلَّا بِثَمَنٍ وَكْسٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَثْبُتَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِجْبَارِ عَلَى الْبَيْعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَحُجَّتُنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ فِي الْإِجْبَارِ عَلَى الْبَيْعِ مَعْنَى الْحَجْرِ عَلَى الْحَدِّ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ عِنْدَنَا، ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَكِّنٌ مِنْ بَيْعِ نَصِيبِهِ وَحْدَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إجْبَارِ الشَّرِيكِ عَلَى ذَلِكَ لِنُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي نَصِيبِهِ تَبِعَا قَوْلَهُ بِأَنْ لَا يَشْتَرِيَ مِنْهُ إلَّا بِوَكْسٍ

قُلْنَا: إنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَصِيبَهُ إلَّا مُشْتَرَكًا وَيَتَوَفَّرُ عَلَيْهِ نَصِيبُهُ مُشْتَرَكًا إنَّمَا يَحْصُل لَهُ زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ تَوْضِيحُهُ أَنَّ وِلَايَةَ الْإِجْبَارِ لِمَعْنَى الْإِحْرَازِ وَتَحْصِيلِ الْمِلْكِ كَمَا فِي الْقِسْمَةِ وَفِي الْإِجْبَارِ هُنَا إزَالَةُ الْمِلْكِ وَلِلنَّاسِ فِي أَعْيَانِ الْمِلْكِ أَغْرَاضٌ.

(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُجْبِرَ صَاحِبَهُ عَلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْهُ فَلَأَنْ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى بَيْعِ نَصِيبِهِ مِنْ غَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

[بَابُ قِسْمَةِ الدَّارِ فِيهَا طَرِيقٌ لِغَيْرِ أَهْلِهَا]

(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذُكِرَ عَنْ عِكْرِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: أَذْرِعُوا الطَّرِيقَ سَبْعَةَ أَذْرُعِ، ثُمَّ ابْنُوا» وَبِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ يَأْخُذُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فَيَقُولُ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فِي الطَّرِيقِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَدَّرَ الطَّرِيقُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ وَلَسْنَا نَأْخُذُ

<<  <  ج: ص:  >  >>