للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ إلَّا سَبَبِي وَنَسَبِي» فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ فِي حَقِّهِ وَفِي حَقِّ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَيْضًا لِأَنَّ نِكَاحَهُ كَانَ مِنْ أَسْبَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا لَمْ تُغَسَّلْ يَمَّمَهَا فَإِنْ كَانَ مِنْ يُيَمِّمُهَا مَحْرَمًا لَهَا يَمَّمَهَا بِغَيْرِ خِرْقَةٍ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا يُيَمِّمُهَا بِخِرْقَةِ يَلُفُّهَا عَلَى كَفِّهِ وَيُعْرِضُ وَجْهَهُ عَنْ ذِرَاعَيْهَا دُونَ وَجْهِهَا لِأَنَّ فِي حَالَةِ حَيَاتِهَا مَا كَانَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَنْظُرَ إلَى ذِرَاعَيْهَا فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ امْرَأَةٌ كَافِرَةٌ عَلَّمُوهَا غُسْلَ الْمَيِّتِ لِتُغَسِّلَهَا ثُمَّ يُصَلِّي عَلَيْهَا الرِّجَالُ لِمَا بَيَّنَّا

[كفن الْمَرْأَة]

(قَالَ): وَتُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ وَالرَّجُلُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ هَكَذَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: كَفَنُ الْمَرْأَةِ خَمْسَةُ أَثْوَابٍ وَكَفَنُ الرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلِأَنَّ حَالَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ مُعْتَبَرٌ بِحَالِ الْحَيَاةِ وَالرَّجُلُ فِي حَيَاتِهِ يَخْرُجُ فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ عَادَةً قَمِيصٍ وَسَرَاوِيلَ وَعِمَامَةٍ وَالْمَرْأَةُ فِي خَمْسَةِ أَثْوَابٍ دِرْعٍ وَخِمَارٍ وَإِزَارٍ وَمِلَاءَةٍ وَنِقَابٍ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلِأَنَّ مَبْنَى حَالِهَا عَلَى السَّتْرِ فَيُزَادُ كَفَنُهَا عَلَى كَفَنِ الرَّجُلِ وَتَفْسِيرُ الْأَثْوَابِ الْخَمْسَةِ دِرْعٌ وَخِمَارٌ وَإِزَارٌ وَلِفَافَةٌ وَخِرْقَةٌ تُرْبَطُ فَوْقَ الْأَكْفَانِ عِنْدَ الصَّدْرِ فَوْقَ الثَّدْيَيْنِ وَالْبَطْنِ حَتَّى لَا يَنْتَشِرَ عَلَيْهَا الْكَفَنُ إذَا حُمِلَتْ عَلَى السَّرِيرِ وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: تُرْبَطُ الْخِرْقَةُ عَلَى فَخِذَيْهَا لِئَلَّا تَضْطَرِبَ إذَا حُمِلَتْ عَلَى السَّرِيرِ وَيُوضَعُ الْحَنُوطُ مِنْهَا مَوْضِعَهُ مِنْ الرِّجَالِ وَلَا يُسْدَلُ شَعْرُهَا خَلْفَ ظَهْرِهَا وَلَكِنْ يُسْدَلُ مِنْ بَيْنِ ثَدْيَيْهَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا لِأَنَّ سَدْلَ الشَّعْرِ خَلْفَ ظَهْرِهَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ كَانَ لِمَعْنَى الزِّينَةِ وَقَدْ انْقَطَعَ ذَلِكَ بِالْوَفَاةِ ثُمَّ يُسْدَلُ الْخِمَارُ عَلَيْهَا كَهَيْئَةِ الْمُقَنَّعَةِ فَوْقَ الدِّرْعِ وَتَحْتَ الْإِزَارِ وَإِنْ كُفِّنَتْ الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبَيْنِ وَخِمَارٍ وَلَمْ تُكَفَّنْ فِي دِرْعٍ جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى السِّتْرِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ يَحْصُلُ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ حَتَّى يَجُوزَ لَهَا أَنْ تُصَلِّيَ فِيهَا وَتَخْرُجَ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَوْتِ

(قَالَ): وَالْخَلَقُ إذَا غُسِلَ وَالْجَدِيدُ فِيهِ سَوَاءٌ لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: اغْسِلُوا ثَوْبَيْ هَذَيْنِ وَكَفِّنُونِي فِيهِمَا فَإِنَّهُمَا لِلْمَهْلِ وَالصَّدِيدِ وَإِنَّ الْحَيَّ أَحْوَجُ مِنْ الْمَيِّتِ إلَى الْجَدِيدِ

(قَالَ): وَالْبُرُودُ وَالْبَيَاضُ كُلُّ ذَلِكَ حَسَنٌ لِحَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ أَحَبَّ الثِّيَابِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى الْبَيَاضُ فَلْيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «حَسِّنُوا أَكْفَانَ الْمَوْتَى فَإِنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَتَفَاخَرُونَ بِحُسْنِ أَكْفَانِهِمْ» وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَجُوزُ لِكُلِّ جِنْسٍ أَنْ يَلْبَسَهُ فِي حَيَاتِهِ يَجُوزُ أَنْ يُكَفَّنَ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَالسُّنَّةُ فِي كَفَنِ الرَّجُلِ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ كَمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُفِّنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>