للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَعَامًا كَانَ فِي جُوَالِقِ فُلَانٍ قُضِيَ بِهِ لَهُ لِإِقْرَارِهِ بِالْأَخْذِ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّ دَابَّةَ فُلَانٍ وَمَا عَلَيْهَا مِنْ يَدِهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ بِطَانَةَ جُبَّتِهِ أَوْ سِتْرَ بَابِهِ فَالْإِضَافَةُ لِمِلْكِهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لَهُ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ رَكِبَ دَابَّةَ فُلَانٍ أَوْ لَبِسَ ثَوْبَ فُلَانٍ أَوْ اسْتَخْدَمَ خَادِمَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ فُلَانٌ آخَرُ مِنْهُ فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ بِفِعْلٍ هُوَ غَصْبٌ مِنْ مِلْكِ الْأَوَّلِ فَيُؤْمَرُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ كَانَ ضَامِنًا.

وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ حَمَلَنِي عَلَى دَابَّتِهِ أَوْ فِي سَفِينَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَا فَعَلَ بِنَفْسِهِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَإِنَّمَا أَقَرَّ بِفِعْلِ صَاحِبِ الدَّابَّةِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُوجَبٍ لِلضَّمَانِ عَلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ حُمِلَ عَلَى دَابَّةِ فُلَانٍ هَذَا فِعْلُ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ فَلَا يَصِيرُ بِهِ مُضِيفًا لِلْحَمْلِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا مُقِرًّا عَلَى نَفْسِهِ بِسَبَبٍ مُوجَبٍ لِلضَّمَانِ.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثِيَابًا مِنْ حَمَّامِ فُلَانٍ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ النَّاسَ يَدْخُلُونَ الْحَمَّامَ فَيَضَعُونَ ثِيَابَهُمْ فِيهَا، ثُمَّ يَأْخُذُونَهَا فَلَا يَتَضَمَّنُ هَذَا اللَّفْظُ الْإِقْرَارَ بِيَدٍ أَصْلِيَّةٍ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ فِي الثِّيَابِ. وَكَذَلِكَ الْمَسْجِدُ الْجَامِعُ وَالْكَعْبَةُ وَالْخَانُ وَالْأَرْضُ يَنْزِلُهَا النَّاسُ وَيَضَعُونَ فِيهَا الْأَمْتِعَةَ.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ وَضَعَ ثَوْبَهُ فِي بَيْتِ فُلَانٍ لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنْ ادَّعَاهُ رَبُّ الْبَيْتِ وَيَضْمَنُهُ عِنْدَهُمَا، وَهُوَ نَظِيرُ مَا سَبَقَ إذَا قَالَ أَسْكَنْتُهُ دَارِي، ثُمَّ أَخَذْتهَا مِنْهُ.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ طَرِيقِ فُلَانٍ أَوْ مِنْ فِنَاءِ فُلَانٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْفِنَاءَ اسْمُ لِسَعَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ مِلْكِهِ مُعَدَّةٍ لِمَنَافِعِهِ مِنْ كَسْرِ الْحَطَبِ وَإِلْقَاءِ الْكُنَاسَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا تَكُونُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ فِي يَدِ فُلَانٍ عَلَى الْخُصُوصِ بَلْ لِلنَّاسِ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهَا. وَكَذَلِكَ الطَّرِيقُ.

وَلَوْ قَالَ أَخَذْتُ ثَوْبًا مِنْ أَجِيرِ فُلَانٍ فَهُوَ لِلْأَجِيرِ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ مِنْ يَدِهِ وَيَدُ الْأَجِيرِ فِي أَمْتِعَتِهِ يَدُ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ نَازَعَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَجِيرِ.

وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَخَذَ ثَوْبًا مِنْ مَسْجِدِ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَسْجِدُ لَهُ خَاصَّةً فِي دَارِهِ فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ مِلْكِهِ وَمَا فِيهِ يَكُونُ فِي يَدِهِ فَيَضْمَنُهُ وَلَوْ قَالَ مِنْ هَذِهِ الْبِيعَةِ أَوْ الْكَنِيسَةِ أَوْ بَيْتِ النَّارِ أَوْ الْقَنْطَرَةِ أَوْ الْجِسْرِ أَوْ كُلِّ مَوْضِعٍ لِلْعَامَّةِ مِمَّا لَا يَدَ عَلَيْهِ فِيهِ لَا حَدَّ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقُّ وَضْعِ الْأَمْتِعَةِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ فَلَا يَتَضَمَّنُ كَلَامُهُ الْإِقْرَارَ بِأَخْذِهِ مِنْ يَدِ إنْسَانٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ إقْرَارِ الرَّجُلِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى غَيْرِهِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -): وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ، وَعَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَجَحَدَ الْآخَرُ لَزِمَ الْمُقِرَّ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ الْآخَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي الِاشْتِرَاكَ فِي الْخَبَرِ وَإِقْرَارُهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>