بِمَقْصُودِ الْحَالِفِ
وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ أَمْسَيْت قَبْلَ أَنْ أُطْعَمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ قَالَ إنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَلَمْ يُطْعَمْ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ دُخُولُ اللَّيْلِ، وَذَلِكَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنَّ الْإِمْسَاءَ قَبْلَ الْإِصْبَاحِ، فَإِنَّمَا يَقُولُ الرَّجُلُ لِآخَرَ كَيْفَ أَصْبَحْت فِي أَوَّلِ النَّهَارِ وَكَيْف أَمْسَيْت فِي آخِرِ النَّهَارِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الصَّائِمَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ مِنْ الصَّبَاحِ إلَى الْمَسَاءِ وَيَنْتَهِي ذَلِكَ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ؟ فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ، وَلَمْ يَطْعَمْ، فَقَدْ أَمْسَى قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ فَيَحْنَثَ فِي يَمِينِهِ
وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الْجَمَلَ فَكَبِرَ حَتَّى صَارَ مُسِنًّا فَأَكَلَهُ حَنِثَ، وَقَدْ بَيَّنَّا فِي الْأَيْمَانِ مِنْ الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ فِي الْحَيَوَانِ الْعَيْنُ لَا تَتَبَدَّلُ بِتَبَدُّلِ الْوَصْفِ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الصَّبِيَّ وَكَلَّمَهُ بَعْدَ مَا شَبَّ أَوْ لَا يُكَلِّمُ هَذَا الشَّابَّ فَكَلَّمَهُ بَعْدَ مَا شَاخَ حَنِثَ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَا الرُّطَبَ فَأَكَلَهُ بَعْدَ مَا صَارَ ثَمَرًا لَمْ يَحْنَثْ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
[بَابٌ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) امْرَأَةٌ حَامِلٌ تُرِيدُ أَنْ تَهَبَ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا عَلَى أَنَّهَا إنْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا كَانَ الزَّوْجُ بَرِيئًا مِنْ الْمَهْرِ، وَإِنْ سَلِمَتْ عَادَ الْمَهْرُ عَلَى زَوْجِهَا، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ الزَّوْجِ ثَوْبًا لَمْ تَرَهُ بِأَنْ كَانَ فِي مِنْدِيلٍ فَتَشْتَرِيهِ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا أَوْ نِصْفِهِ فَإِنْ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا بَرِئَ الزَّوْجُ، وَإِنْ سَلِمَتْ مِنْ عِلَّتِهَا رَدَّتْ الثَّوْبَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَعَادَ الْمَهْرُ عَلَى زَوْجِهَا، وَهَذَا يَسْتَقِيمُ إذَا بَقِيَ الثَّوْبُ عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ وَبِهِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مِنْ الْأَصْلِ فَيَعُودُ الْمَهْرُ عَلَيْهِ، كَمَا كَانَ، وَلَكِنَّ الثَّوْبَ قَدْ يَتَعَيَّبُ عِنْدَهَا أَوْ يَهْلَكُ فَيَتَعَذَّرُ رَدُّهُ فَالسَّبِيلُ أَنْ تَشْتَرِيَ الثَّوْبَ وَتُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْ الزَّوْجِ حَتَّى لَا يَتَعَذَّرَ عَلَيْهَا الرَّدُّ إذَا سَلِمَتْ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ
رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ اشْتَرَاهَا الْآمِرُ مِنْهُ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ فَخَافَ الْمَأْمُورُ إنْ اشْتَرَاهَا أَنْ لَا يَرْغَبَ الْآمِرُ فِي شِرَائِهَا قَالَ: يَشْتَرِي الدَّارَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِيهَا وَيَقْبِضُهَا ثُمَّ يَأْتِيهِ الْآمِرُ فَيَقُولُ لَهُ قَدْ أَخَذْتهَا مِنْك بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ فَيَقُولُ الْمَأْمُورُ هِيَ لَك بِذَلِكَ، وَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَقْبِضَهَا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الشَّرْطِ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِي الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَهُمَا وَالْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُشْتَرَى بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا أَنَّهُ هَلْ يَمْلِكُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute