للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكُوزِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ كَانَ فُلَانٌ هُوَ الَّذِي وَضَّاهُ وَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ عَقَدَ الْيَمِينَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَهُوَ التَّوَضُّؤُ وَلَمْ يُوجَدْ، وَكَذَلِكَ لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ بِقَدَحِ فُلَانٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْيَمِينِ فِي الْعِتْقِ]

(قَالَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَجُلٌ تَزَوَّجَ أَمَةً ثُمَّ قَالَ لَهَا: إنْ مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ فَمَاتَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ وَارِثُهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا، وَلَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ مَوْتَ الْمُورَثِ سَبَبٌ لِانْتِقَالِ الْمَالِ إلَى الْوَارِثِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلنِّكَاحِ وَأَوَانُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَيَقْتَرِنُ الطَّلَاقُ بِحَالِ فَسَادِ النِّكَاحِ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا إذَا قَالَ: إذَا بَاعَك مِنِّي فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَمْ تَطْلُقْ تَوْضِيحُهُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا فِي النِّكَاحِ الْمُسْتَقِرِّ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فِي حَالِ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ وَلِهَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ كَانَ قَالَ: إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَمَاتَ الْمَوْلَى وَهُوَ وَارِثُهُ لَا تَعْتِقُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَنْزِلُ إلَّا فِي الْمِلْكِ الْمُسْتَقِرِّ، وَبِنَفْسِ مَوْتِ الْمَوْلَى لَا يَسْتَقِرُّ الْمِلْكُ لِلْوَارِثِ وَلَكِنَّ أَوَانَ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَمَلَكَتْك؛ لِأَنَّ أَوَانَ الْعِتْقِ هُنَاكَ مَا بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ وَأَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: وُجِدَ شَرْطُ الطَّلَاقِ وَهِيَ مَنْكُوحَةٌ بَعْدُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ وَارِثًا لَهُ.

وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ مَوْتَ الْمَوْلَى سَبَبٌ لِزَوَالِ مِلْكِهِ فَإِنَّمَا يَزُولُ مِلْكُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَارِثِ بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ يَفْسُدُ النِّكَاحُ بَعْدَ مَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَ هَذَا بِدَرَجَتَيْنِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ يَقْتَرِنُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْمَوْلَى، وَزَوَالُ مِلْكِ الْمَوْلَى غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي دَفْعِ اسْتِقْرَارِ النِّكَاحِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْتِ حُرَّةٌ لَمْ تَعْتِقْ؛ لِأَنَّ أَوَانَ وُقُوعِ الْعِتْقِ مَعَ زَوَالِ مِلْكِ الْمَالِكِ، وَمِلْكُ الْوَارِثِ يَكُونُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرُ الْمِلْكُ الَّذِي يَتَأَخَّرُ لِلْوَارِثِ فِي تَصْحِيحِ عِتْقِهِ فَكَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَنْعِ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْمِلْكَ بِقَوْلِهِ: إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَمَلَكْتُك وَقَعَ الْعِتْقُ دُونَ الطَّلَاقِ؟ فَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمِلْكَ يَقَعُ الطَّلَاقُ دُونَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُنَفِّذٌ لِلْعِتْقِ مَانِعٌ وُقُوعَ الطَّلَاقِ رَجُلٌ: قَالَ لِأَمَتِهِ إذَا مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتِ حُرَّةٌ ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ قَالَ لَهَا: إذَا مَاتَ مَوْلَاك فَأَنْتِ طَالِقٌ اثْنَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>