الرِّبْحُ فَأَقَالَهُ فِي الْبَعْضِ انْتِدَابًا إلَى مَا نُدِبَ إلَيْهِ وَاسْتَوْفَى بَعْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَيُحَصِّلَا مَقْصُودَهُ فِي الرِّبْحِ فَفِيهِ النَّظَرُ لَهُمَا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ الْحَسَنُ الْجَمِيلُ،
[السَّلَمُ فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ]
قَالَ: (وَالسَّلَمُ جَائِزٌ فِيمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِمَّا لَا يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مَضْبُوطًا بِوَصْفِهِ مَعْلُومًا بِقَدْرِهِ مَوْجُودًا مِنْ وَقْتِ عَقْدِهِ إلَى حِينِ أَجَلِهِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَمَا لَا فَلَا وَقِيلَ كُلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْتَى عَلَى حُصُرٍ مُتَقَارِبَةٍ وَيَكُونُ مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَقِيلَ كُلُّ مَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ كَمِّيَّتِهِ اجْتِهَادًا وَكَيْفِيَّتِهِ ضَرُورَةً يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَالْمَكِيلَاتُ وَالْمَوْزُونَاتُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ
قَالَ: (وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي الرَّطْبَةِ وَلَا فِي الْحَطَبِ حُزُمًا وَلَا جُرُزًا وَأَوْقَارًا؛ لِأَنَّ هَذَا مَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ طُولُهُ وَعَرْضُهُ وَغِلَظُهُ فَإِنَّ الْأَوْقَارَ تَخْتَلِفُ وَبِسَبَبِ هَذِهِ الْجَهَالَةِ تَتَمَكَّنُ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ كُلَّ جَهَالَةٍ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فَهِيَ مُفْسِدَةٌ لِلْعَقْدِ وَإِنْ عُرِفَ ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ) مَعْنَاهُ إذَا بُيِّنَ طُولُ مَا تُشَدُّ بِهِ الْحُزْمَةُ أَنَّهُ ذِرَاعٌ أَوْ شِبْرٌ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَفَاوَتُ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ السَّلَمُ لِكَوْنِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَعْلُومًا مَقْدُورَ التَّسْلِيمِ
قَالَ: (وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي جُلُودِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ عِنْدَنَا)
وَقَالَ مَالِكٌ بِأَنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ مَعْلُومُ الْمِقْدَارِ بِالْوَزْنِ وَالصِّفَةِ بِالذِّكْرِ وَلَكِنَّا نَقُولُ الْجُلُودُ لَا تُوزَنُ عَادَةً وَلَكِنَّهَا تُبَاعُ عَدَدًا وَهِيَ عَدَدِيَّةٌ مُتَفَاوِتَةٌ فِيهَا الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْحَيَوَانِ فِي أَبْعَاضِ الْحَيَوَانِ فَقَدْ قَامَتْ الدَّلَالَةُ لَنَا عَلَى أَنَّ السَّلَمَ فِي الْحَيَوَانِ لَا يَجُوزُ فَكَذَلِكَ فِي أَبْعَاضِ الْحَيَوَانِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْأَكَارِعِ وَالرُّءُوسِ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْأَدَمِ وَالْوَرَقِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فِيهِ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ مِنْ الْوَرَقِ وَالصُّحُفِ وَالْأَدَمِ ضَرْبًا مَعْلُومَ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْجَوْدَةِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَالثِّيَابِ وَكَذَلِكَ الْأَدَمُ إذَا كَانَ يُبَاعُ وَزْنًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ بِذِكْرِ الْوَزْنِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا تَتَمَكَّنُ الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ قَالَ: (وَلَا خَيْرَ فِي السَّلَمِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ عِنْدَنَا) وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ إذَا بُيِّنَ الْجِنْسُ وَالنَّوْعُ وَالصِّفَةُ وَالسِّنُّ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْآثَارِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «اسْتَقْرَضَ بَكْرًا وَقَضَاهُ رُبَاعِيًّا وَقَالَ: خَيْرُكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً» وَالسَّلَمُ أَقْرَبُ إلَى الْجَوَازِ مِنْ الِاسْتِقْرَاضِ فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ اسْتِقْرَاضِ الْحَيَوَانِ بِهَذَا الْحَدِيثِ ثَبَتَ جَوَازُ السَّلَمِ فِيهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ مَبِيعٌ مَعْلُومٌ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ كَالثِّيَابِ وَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَبَيَانُ الْوَصْفِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ عَيْنًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مَعْلُومٌ فَإِنَّهُ إذَا سَمَّى الْإِبِلَ صَارَ الْجِنْسُ مَعْلُومًا وَإِذَا قَالَ: حَيَوَانٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute