مَقَامَ مِنْ يُدْلِي بِهِ مِنْ صَاحِبِ فَرِيضَةٍ، وَابْنُ ابْنِ الِابْنَةِ بِمَنْزِلَةِ الِابْنَةِ وَابْنَةُ ابْنَةِ الِابْنِ بِمَنْزِلَةِ ابْنَةِ الِابْنِ فَيَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَرْبَاعًا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ عَلِيٍّ فِي الرَّدِّ وَأَسْدَاسًا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الرَّدِّ، وَهَذَا طَرِيقُ التَّخْرِيجِ فِي هَذَا الْجِنْسِ مِنْ الْمَسَائِلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[بَابُ مِيرَاثِ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ]
(قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -): اعْلَمْ بِأَنَّ ذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ فِرَقٌ أَرْبَعَةٌ إمَّا أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَوْ مُخْتَلَطِينَ، ثُمَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ مِنْ بَعْضٍ أَوْ يَكُونُوا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَقْرَبَ فَهُوَ بِالْمِيرَاثِ أَحَقُّ، وَإِنْ كَانُوا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الدَّرَجَةِ إنْ كَانَ بَعْضُهُمْ وَلَدَ صَاحِبِ فَرِيضَةٍ أَوْ عَصَبَةٍ فَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ لَيْسَ بِوَلَدِ عَصَبَةٍ وَلَا صَاحِبِ فَرِيضَةٍ؛ لِأَنَّ وَلَدَ الْعَصَبَةِ وَصَاحِبَ الْفَرْضِ أَقْرَبُ حُكْمًا وَالتَّرْجِيحُ بِالْقُرْبِ حَقِيقَةٌ إنْ وُجِدَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَبِالْقُرْبِ حُكْمًا، فَأَمَّا إذَا اسْتَوَوْا فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَإِنْ انْفَرَدُوا فَكَانُوا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمْ عَلَى الْأَبْدَانِ وَعَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ عَلَى الْآبَاءِ حَتَّى إذَا تَرَكَ ابْنَ أُخْتٍ وَابْنَةَ أَخٍ وَهُمَا لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الثُّلُثَانِ لِابْنِ الْأُخْتِ وَالثُّلُثُ لِابْنَةِ الْأَخِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى عَكْسِ هَذَا الثُّلُثَانِ لِابْنَةِ الْأَخِ وَالثُّلُثُ لِابْنِ الْأُخْتِ بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ وَالْأُخْتِ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ مِيرَاثُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى وَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَا جَمِيعًا لِأُمٍّ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْمَالُ بَيْنَهُمَا فِي نِصْفَانِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي رِوَايَةٍ شَاذَّةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَالَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَوَجْهُهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْمَوَارِيثِ تَفْضِيلُ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى، وَإِنَّمَا تَرَكْنَا هَذَا الْأَصْلَ فِي الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأُمٍّ لِخُصُوصِ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء: ١٢] وَالْمَخْصُوصُ مِنْ الْقِيَاسِ بِالنَّصِّ لَا يَلْحَقُ بِهِ مَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَأَوْلَادُ الْإِخْوَةِ لِأُمٍّ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْآبَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ بِالْفَرْضِيَّةِ شَيْئًا فَيُعْتَبَرُ فِيهِمْ الْأَصْلُ، ثُمَّ تَوْرِيثُ ذَوِي الْأَرْحَام بِمَعْنَى الْعُصُوبَةِ، وَفِي حَقِيقَةِ الْعُصُوبَةِ يُفَضَّلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى. وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ قَرَابَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَرَابَةُ الْأُمِّ وَالِاسْتِحْقَاقُ بِهَذِهِ الْقَرَابَةِ إذْ لَا سَبَبَ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَبَيْنَهُمْ سِوَى هَذَا وَبِاعْتِبَارِ قَرَابَةِ الْأُمِّ لَا يَفْضُلُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى بِحَالٍ وَرُبَّمَا يَفْضُلُ الْأُنْثَى فَإِنَّ أُمَّ الْأُمِّ صَاحِبَةُ فَرْضٍ دُونَ أَبِ الْأُمِّ فَإِنْ لَمْ تَفْضُلْ هُنَا الْأُنْثَى فَيَنْبَغِي أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَهُمَا اعْتِبَارًا بِالْمُدْلَى بِهِ
وَأَمَّا إذَا كَانَا مُخْتَلِطَيْنِ بِأَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ بَنَاتِ إخْوَةٍ مُتَفَرِّقِينَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْمَالُ كُلُّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute