فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ مَلَكَهُ مَعَ آخَرَ صَارَ نَصِيبُهُ مِنْهُ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالشَّرْطِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ وَلَمْ يَكُنْ لِشَرِيكِهِ أَنْ يُضَمِّنَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالتَّدْبِيرُ فِي هَذَا وَتَنْجِيزُ الْعِتْقِ سَوَاءٌ وَهَذَا فَرْعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اخْتِلَافِهِمْ فِي رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا عَبْدًا وَهُوَ قَرِيبُ أَحَدِهِمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ يَقُولُ هَذَا غَلَطٌ فَإِنَّ الْمِلْكَ هُنَا شَرْطُ الْعِتْقِ لَا عِلَّتُهُ وَمُبَاشَرَةُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِلشَّرْطِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ فِي الضَّمَانِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ ضَرْبِ السَّوْطِ فَمُعَاوَنَتُهُ عَلَى تَحْصِيلِ الشَّرْطِ أَوْ رِضَاهُ بِهِ كَيْف يَكُونُ مُسْقِطًا؟
وَلَكِنَّا نَقُولُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ صَحِيحٌ وَهَذَا شَرْطٌ فِي مَعْنَى السَّبَبِ؛ لِأَنَّهُ مُصَحِّحٌ لِلتَّعْلِيقِ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لَا يَصِحُّ إلَّا مُضَافًا إلَى الْمِلْكِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ هَذَا الْمَمْلُوكِ أَوْ تَدْبِيرَهُ بِشَرْطٍ آخَرَ كَانَ بَاطِلًا وَإِذَا كَانَ مُصَحَّحًا لِمَا هُوَ السَّبَبُ كَانَ فِي مَعْنَى الْمُتَمِّمِ لِلسَّبَبِ فَمُعَاوَنَتُهُ إيَّاهُ عَلَيْهِ يَكُونُ مُسْقِطًا حَقَّهُ فِي الضَّمَانِ بِخِلَافِ ضَرْبِ السَّوْطِ (فَإِنْ قِيلَ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إذَا قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ أَنْ يَجُوزَ عَنْ الْكَفَّارَةِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى قَرِيبَهُ وَبِالِاتِّفَاقِ لَا يَجُوزُ (قُلْنَا) هَذَا الشَّرْطُ مُصَحِّحٌ لِلْيَمِينِ وَلَكِنَّهُ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْعِتْقِ بَلْ الْمُوجِبُ لِلْعِتْقِ هُوَ الْيَمِينُ وَلَا بُدَّ أَنْ تَقْتَرِنَ نِيَّةُ الْكَفَّارَةِ بِالسَّبَبِ الْمُوجِبِ فَأَمَّا الرِّضَا بِمَا يُصَحِّحُ الْيَمِينَ كَالرِّضَا بِالْيَمِينِ فِي إسْقَاطِ حَقِّهِ فِي التَّضْمِينِ وَأَشَارَ فِي الْكِتَابِ إلَى عِلَّةٍ أُخْرَى فَقَالَ: لِأَنَّهُمَا لَمْ يَمْلِكَاهُ جَمِيعًا.
مَعْنَاهُ أَنَّ وُجُوبَ الضَّمَانِ يَعْتَمِدُ الصُّنْعَ وَصُنْعُهُ اتَّصَلَ بِالْمَمْلُوكِ قَبْلَ مِلْكِ الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ صُنْعَهُ الشِّرَاءَ وَالْمِلْكَ حُكْمُ الشِّرَاءِ وَالْحُكْمُ يَعْقُبُ السَّبَبَ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِصُنْعٍ سَبَقَ مِلْكَهُ كَمَنْ قَطَعَ يَدَ عَبْدِ إنْسَانٍ ثُمَّ بَاعَهُ مَوْلَاهُ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُضَمِّنَ الْقَاطِعَ شَيْئًا لِهَذَا الْمَعْنَى وَهَذَا الطَّرِيقُ يَسْتَقِيمُ هُنَا وَفِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الْقَرِيبِ أَيْضًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ
[بَابُ تَدْبِيرِ مَا فِي الْبَطْنِ]
بَابُ تَدْبِيرِ مَا فِي الْبَطْنِ (قَالَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ دَبَّرَ أَحَدَهُمَا مَا فِي بَطْنِهَا جَازَ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا فَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ وَالشَّرِيكُ فِيهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالتَّضْمِينِ وَالِاسْتِسْعَاءِ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْبَطْنِ وَقْتَ التَّدْبِيرِ فَهُوَ كَالْمُنْفَصِلِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَعْمَلْ فِيهِ التَّدْبِيرُ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِوُجُودِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute