حِينَ دَبَّرَ لَعَلَّهَا حَبِلَتْ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَعَ الشَّكِّ لَا يَثْبُتُ التَّدْبِيرُ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا مَا فِي بَطْنِك حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَقَالَ الْآخَرُ أَنْتِ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ النُّطْقِ الْأَوَّلِ فَالْوَلَدُ مُدَبَّرٌ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ دَبَّرَهُ الْأَوَّلُ فَتَدَبَّرَ نَصِيبُهُ بِتَدْبِيرِهِ، وَنَصِيبُ الشَّرِيكِ بِتَدْبِيرِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الْأُمِّ فَلِهَذَا كَانَ الْوَلَدُ مُدَبَّرًا بَيْنَهُمَا وَحِصَّةُ الَّذِي دَبَّرَ الْأُمَّ مُدَبَّرٌ مَعَ الْأُمِّ وَشَرِيكُهُ فِيهَا بِالْخِيَارِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالْوَلَدُ مُدَبَّرٌ لِلَّذِي دَبَّرَ الْأُمَّ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِوُجُودِهِ عِنْدَ تَدْبِيرِ الْأَوَّلِ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ فِيهِ حُكْمُ التَّدْبِيرِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِلْأُمِّ مِنْ جِهَةِ الَّذِي دَبَّرَ الْأُمَّ وَثُبُوتُ حُكْمِ التَّبَعِيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْ وَجْهٍ وَفِي هَذَا لَا يَنْفَصِلُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ فَلِهَذَا كَانَ الْوَلَدُ كُلُّهُ مُدَبَّرًا لِلَّذِي دَبَّرَ الْأُمَّ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ نَصِيبَ الشَّرِيكِ مِنْ الْوَلَدِ هُنَاكَ صَارَ مَقْصُودًا يَنْفَرِدُ التَّدْبِيرُ مِنْ جِهَتِهِ فِيهِ، ثُمَّ نِصْفُ الْأُمِّ مُدَبَّرٌ لِلَّذِي دَبَّرَهَا وَالْآخَرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ شَرِيكَهُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَالْوَلَدُ لِلْمُدَبِّرِ بِغَيْرِ ضَمَانٍ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا لَزِمَهُ مِنْ حِينِ دَبَّرَ، وَعُلُوقُ الْوَلَدِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ فِيهِ حَقُّ الشَّرِيكِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ ازْدَادَتْ فِي بَدَنِهَا لَمْ يَكُنْ لَلشَّرِيك الْآخَرِ تَضْمِينُ نِصْفِ الْقِيمَةِ إلَّا وَقْتَ التَّدْبِيرِ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ فِي حُكْمِ الْمُسْتَسْعَاةِ حَتَّى ثَبَتَ لَهُ حَقُّ أَنْ يَسْتَسْعِيَهَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا بِذَلِكَ التَّدْبِيرِ وَالْمُسْتَسْعَاةُ كَالْمُكَاتَبَةِ تَكُونُ أَحَقَّ بِوَلَدِهَا فَلِهَذَا لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُدَبِّرِ شَيْءٌ مِنْ ضَمَانِ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَإِنْ شَاءَ الشَّرِيكُ اسْتَسْعَاهَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا وَلَا يَسْعَى الِابْنُ فِي شَيْءٍ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُسْتَسْعَاةَ كَالْمُكَاتَبَةِ فَلَا يَثْبُتُ لِمَوْلَاهَا فِيمَا يَحْدُثُ لَهَا مِنْ الْوَلَاءِ بَعْدَ ذَلِكَ حَقٌّ يُمَكِّنُهُ مِنْ اسْتِسْعَائِهِ الْوَلَدَ، فَإِنْ دَبَّرَ أَحَدُهُمَا مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ أَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ أَلْبَتَّةَ ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِشَهْرٍ فَالْمُدَبِّرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ الْوَلَدِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْمُعْتِقَ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَرْجِعُ الَّذِي ضَمِنَ بِهِ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْبَطْنِ عِنْدَ تَصَرُّفِهِمَا فَيَكُونُ حُكْمُ هَذَا وَحُكْمُ مَا لَوْ كَانَ تَصَرُّفُهُمَا فِي الْوَلَدِ بَعْدَ الِانْفِصَالَ سَوَاءً
(قَالَ) وَإِذَا دَبَّرَ الرَّجُلُ مَا فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَلَا يَهَبَهَا وَلَا يُمْهِرَهَا وَقَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ إذَا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ ثُمَّ وَهَبَهَا جَازَتْ الْهِبَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَهَا وَقِيلَ فِي الْمَسْأَلَة رِوَايَتَانِ وَجْهُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ مَا فِي الْبَطْنِ صَارَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ فَتَمْلِيكُهَا دُونَ مَا فِي بَطْنِهَا بِالْهِبَةِ لَا يَتَحَقَّقُ فَلِهَذَا لَا يَجُوزُ هِبَتُهَا وَوَجْهُ تِلْكَ الرِّوَايَةِ أَنَّ مَا فِي الْبَطْنِ يَصِيرُ مُسْتَثْنًى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute