للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ادَّعَى الْكَفِيلُ الْمَال وَكَتَبَ لَهُ الْقَاضِي بِذَلِكَ وَلَمْ يَكْتُب فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ كَفَلَ بِأَمْرِهِ فَإِنَّ الَّذِي أَتَاهُ الْكِتَابُ لَا يَرُدُّ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ الْأَصِيلَ لَوْ أَقَرَّ بِكَفَالَتِهِ عَنْهُ وَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ جَاءَ الْكَفِيلُ بِكِتَابٍ مِنْ قَاضٍ آخَرَ أَنَّهُ كَفَلَ عَنْهُ بِأَمْرِهِ فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ وَيُؤْخَذُ لَهُ بِالْمَالِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بِذَلِكَ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[بَابُ الشَّهَادَةِ وَالْيَمِينِ فِي الْحَوَالَةِ وَالْكَفَالَةِ]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -) وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ كَفَالَةً بِنَفْسِ رَجُلٍ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ فَاخْتَلَفَا فِي الْوَقْتِ أَوْ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَتْ الْكَفَالَةُ فِيهِ أَوْ فِي الْأَجَلِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا: إلَى شَهْرٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: إلَى شَهْرَيْنِ، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: حَالٌّ وَقَالَ الْآخَرُ: إلَى شَهْرٍ؛ فَالْكَفَالَةُ لَازِمَةٌ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ يُعَادُ وَيُكَرَّرُ فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَشْهُودُ بِهِ وَهُوَ أَصْلُ الْكَفَالَةِ بِاخْتِلَافِهِمَا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّ هَذَا كَفَلَ لِهَذَا بِنَفْسِ رَجُلٍ لَا نَعْرِفُهُ وَلَكِنْ نَعْرِفُ وَجْهَهُ إنْ جَاءَ بِهِ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ عَلَى قَوْلِ الْكَفِيلِ وَيُجْعَلُ مَا ثَبَتَ مِنْ قَوْلِهِ بِشَهَادَتِهِمَا كَالثَّابِتِ بِإِقْرَارِهِ فَيَقْضِي الْقَاضِي بِهِ وَيَأْمُرُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى مَعْرِفَتِهِمَا وَلَوْ قَالَا لَا: نَعْرِفُ وَجْهَهُ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْكَفَالَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ عِنْدَ الْقَاضِي بِأَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ لِهَذَا ثُمَّ يُقَالُ لَهُ أَيَّ رَجُلٍ أَتَيْت بِهِ، وَقُلْت: هُوَ هَذَا وَحَلَفْت عَلَيْهِ؛ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الْكَفَالَةِ وَهَذَا لِأَنَّ جَهَالَةَ الْمُقَرِّ بِهِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ فَالْقَوْلُ فِي بَيَانِهِ قَوْلُ الْمُقِرِّ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا أَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ

وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ الْآخَرِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْمَشْهُودِ بِهِ عَلَى وَجْهٍ لَا يُمْكِنُ التَّوْفِيقُ فِيهِ

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ كَفَالَةً بِنَفْسِ رَجُلَيْنِ فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَأَثْبَتَا كَفَالَةَ أَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفَا فِي الْآخَرِ فَأَثْبَتَهُ أَحَدُهُمَا وَشَكَّ الْآخَرُ فِيهِ؛ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْكَفَالَةِ الَّتِي اجْتَمَعَا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِيهَا قَدْ تَمَّتْ وَفِي الْآخَرِ لَمْ تَتِمَّ الْحُجَّةُ حِينَ شَكَّ فِيهِ أَحَدُهُمَا وَالْكَفَالَةُ بِأَحَدِهِمَا تَنْفَصِلُ عَنْ الْكَفَالَةِ بِالْآخَرِ

وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ لِأَبِيهِمَا وَلِرَجُلٍ بِنَفْسِ فُلَانٍ كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةً؛ لِأَنَّهُمَا يَشْهَدَانِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَقَدْ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ أَبِيهِمَا فَتَبْطُلُ فِي حَقِّ الْآخَرِ أَيْضًا؛ إذْ الْمَشْهُودُ بِهِ لَفْظٌ وَاحِدٌ

وَلَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ لِفُلَانٍ بِنَفْسِ فُلَانٍ فَإِنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>