غَنَمُ وَالِدِي مِائَةً وَعِشْرِينَ فَأَصَابَنِي سِتُّونَ وَأَنْتَ سِتُّونَ وَلَمْ أَغْصِبْكَ وَقَدْ تَقَابَضْنَا فَإِنَّ هَذَا قَدْ أَقَرَّ بِفَصْلِ عَشْرٍ مِنْ الْغَنَمِ لَيْسَ فِيهَا قِسْمَةٌ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ إنَّمَا أَقَرَّ بِقِسْمَةِ الْمِائَةِ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِلْقِسْمَةِ فَمَا زَادَ عَلَى الْمِائَةِ وَقَدْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ زِيَادَةٌ عَلَى الْمِائَةِ وَادَّعَى الْقِسْمَةَ فِيهَا وَوُصُولَ مِثْلِهَا إلَى صَاحِبِهِ وَصَاحِبُهُ مُنْكِرٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِذَا حَلَفَ بَقِيَتْ هَذِهِ الْعَشَرَةُ فِي يَدِهِ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ فَيَرُدُّهَا لِيُقْسَمَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِفَصْلٍ عَلَى مِائَةٍ، وَقَالَ: كَانَتْ مِائَةً فَأَصَابَنِي سِتُّونَ وَأَنْتَ أَرْبَعُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْغَصْبِ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ قَبْلَهُ مِنْ قَبْلُ أَنَّ شَرِيكَهُ قَدْ أَبْرَأَهُ مَنْ حِصَّةِ الْمِائَةِ وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْفَضْلِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا اقْتَسَمَاهَا نِصْفَيْنِ وَإِلَّا أُفْسِدَتْ الْقِسْمَةُ لِجَهَالَةِ الْعَشَرَةِ الَّتِي لَمْ تَتَنَاوَلْهَا الْقِسْمَةُ فَالْغَنَمُ تَتَفَاوَتُ وَبِجَهَالَةِ مَا لَمْ تَتَنَاوَلُهُ الْقِسْمَةُ يَصِيرُ مَا تَنَاوَلَتْهُ الْقِسْمَةُ مَجْهُولًا فَالسَّبِيلُ أَنْ تُرَدَّ السِّتُّونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَتُسْتَقْبَلَ الْقِسْمَةُ فِيمَا بَيْنَهُمَا لِفَسَادِ الْقِسْمَةِ الْأُولَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ قِسْمَةِ الْوَصِيِّ عَلَى أَهْلِ الْوَصِيَّةِ وَالْوَرَثَةِ]
(قَالَ: - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا كَانَ فِي الْمِيرَاثِ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ فَأَدْخَلُوهُ فِي الْقِسْمَةِ لَمْ يَجُزْ؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ مَنْ وَقَعَ الدَّيْنُ فِي نَصِيبِهِ يَكُونُ مُتَمَلِّكًا عَلَى أَصْحَابِهِ نَصِيبَهُمْ مِنْ الدَّيْنِ بِعِوَضٍ وَتَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِعِوَضٍ لَا يَجُوزُ) وَكَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمُوا الدَّيْنَ فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ حَقِّهِ فِيهَا دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ خَاصَّةً لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُمَلِّكٌ نَصِيبَهُ مِمَّا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ مِنْ صَاحِبِهِ لَمْ يَتَمَلَّكْ عَلَيْهِ مِنْ نَصِيبِهِ مِمَّا فِي ذِمَّةِ عُمَرَ وَإِذَا كَانَ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لَا يَجُوزُ بِعِوَضِ عَيْنِ فُلَانٍ لَا يَجُوزُ بِعِوَضِ دَيْنٍ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ فَقِسْمَتُهُمْ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ حِيَازَةٌ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ وَصِيِّ الْأَبِ بَيْنَ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةُ بَيْعِ مَالِ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ مِنْ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفَرِدُ بِالتَّصَرُّفِ إلَّا عِنْدَ مَنْفَعَةٍ ظَاهِرَةٍ لِلْيَتِيمِ وَفِي هَذَا التَّصَرُّفِ أَنْ تَقَعَ أَحَدُهُمَا أَضَرَّ بِالْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ وَرَثَةٌ كِبَارٌ فَإِنْ قَسَّمَ نَصِيبَ الصَّغِيرَيْنِ مَعًا جَازَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ فِي مَالِ الصَّغِيرَيْنِ مَعَ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ جَائِزَةٌ، فَكَذَلِكَ قِسْمَةُ نَصِيبِ الصَّغِيرَيْنِ مَعًا مَعَ الْوَارِثِ الْكَبِيرِ (قَالَ) فِي الْأَصْلِ، وَكَذَلِكَ الْأَبُ وَمُرَادُهُ هَذَا الْفَصْلُ لَا مَا قَبْلَهُ فَقِسْمَةُ الْأَبِ مَعَ ابْنَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ جَائِزَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَ مَالِ أَحَدِهِمَا مِنْ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَيُفْرِدُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute