للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعُ مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْحَبَلَ مِنْ الزِّنَا لَا يَمْنَعُ مِنْ النِّكَاحِ عِنْدَهُمَا، وَيَمْنَعُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُوَ عَلَى الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ

قَالَ: وَلَوْ وَلَدَتْ امْرَأَةُ الرَّجُلِ غُلَامًا، وَأَمَتُهُ غُلَامًا، ثُمَّ مَاتَتَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: ابْنِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ فِي الْمَجْهُولِ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ وَالْمَقْصُودُ هُوَ الشَّرَفُ بِالِانْتِسَابِ، وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ فِي الْمَجْهُولِ؛ وَلِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي مَقَالَتِهِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا ابْنُهُ وَهُوَ وَلَدُ الْمَنْكُوحَةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهِ وَيُعْتَقَانِ وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ، وَعِنْدَ الِاشْتِبَاهِ لَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيُعْتِقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: إنَّ أَحَدَهُمَا حُرٌّ أَنَّ وَلَدَ الْمَنْكُوحَةِ حُرٌّ فَأَمَّا وَلَدُ الْأَمَةِ لَا يُعْتَقُ إلَّا إذَا ادَّعَاهُ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ لَهُ عَبْدَانِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا ابْنِي أَوْ قَالَ هَذَا ابْنِي، أَوْ هَذَا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْجَهَالَةِ، وَلَكِنْ لَا يُعْتَقُ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ؛ لِأَنَّ دَعْوَةَ النَّسَبِ إقْرَارٌ بِالْحُرِّيَّةِ، وَالْإِقْرَارُ بِالْعِتْقِ لِلْمَجْهُولِ صَحِيحٌ فَيَسَعُ الْعِتْقُ فِيهِمَا عِنْدَ فَوْتِ الْبَيَانِ بِالْمَوْتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ نَفْيِ الْوَلَدِ مِنْ زَوْجَةٍ مَمْلُوكَةٍ وَغَيْرِهَا]

(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: رَجُلٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَأُعْتِقَتْ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ الْعِتْقِ فَنَفَاهُ فَلَمْ يُلَاعِنْهَا حَتَّى اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَالْوَلَدُ لَازِمٌ لَهُ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَا لِعَانَ)؛ لِأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ قَدْ ثَبَتَ مِنْهُ بِالْفِرَاشِ فَلَا يَنْتَفِي إلَّا بِاللِّعَانِ وَبِاخْتِيَارِهَا نَفْسَهَا بِالْعِتْقِ ثَابِتٌ مِنْهُ فَلَا يَجْرِي اللِّعَانُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا لَوْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ مَا قَذَفَهَا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِاللِّعَانِ قَطْعُ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا، وَقَدْ انْقَطَعَ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَذْفَهُ إيَّاهُ كَانَ مُوجِبًا لِلِّعَانِ بِكَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ حِينَ قَذَفَهَا فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لِلْحَدِّ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَجْتَمِعَانِ بِقَذْفٍ وَاحِدٍ.

قَالَ: رَجُلٌ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ، وَهِيَ أَمَةٌ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَنَفَاهُ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّ الْعُلُوقَ بِهَذَا الْوَلَدِ حَصَلَ مِنْ فِرَاشِ النِّكَاحِ فَلَزِمَهُ نَسَبُهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ وَصَارَ ارْتِفَاعُ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا بِالشِّرَاءِ كَارْتِفَاعِهِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُنَاكَ إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَزِمَهُ نَسَبُهُ فَكَذَلِكَ هُنَا، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَلَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ لَهُ أَنْ يَنْفِيَهُ مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ هَذَا بِأَسْطُرٍ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ فَوَجْهُهُ مَا قَالَ بَعْدَ هَذَا: إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>