كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ.
وَاسْتَشْهَدَ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الشَّرِيكِ فِي التَّضْمِينِ بِالْإِذْنِ، وَهَذَا صَحِيحٌ عَلَى أَصْلِهِ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعِتْقِ عِنْدَهُ ضَمَانُ التَّمَلُّكِ فَإِنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَجَزَّأُ عَلَى قَوْلِهِ، وَضَمَانُ التَّمَلُّكِ لَا يَسْقُطُ بِالْإِذْنِ، كَمَا لَوْ اسْتَوْلَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْجَارِيَةَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ هَذَا الضَّمَانَ سَبَبُهُ الْإِفْسَادُ، وَالْإِتْلَافُ فَسَقَطَ بِالْإِذْنِ كَضَمَانِ الْإِتْلَافِ الْحَقِيقِيِّ بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ هَذَا الضَّمَانَ يَسْقُطُ بِالْإِعْسَارِ، وَبِخِلَافِ ضَمَانِ الْإِتْلَافِ الْحَقِيقِيِّ فَأَمَّا إذَا، وَرِثَ مَعَ قَرِيبِهِ غَيْرَهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ بِغَيْرِ قَبُولِهِ، وَالضَّمَانُ لَا يَجِبُ إلَّا بِاعْتِبَارِ الصُّنْعِ مِنْ جِهَتِهِ، وَلِهَذَا لَوْ وَرِثَ قَرِيبَهُ لَمْ يُجْزِ عَنْ كَفَّارَتِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةً بِالنِّكَاحِ، ثُمَّ وَرِثَهَا مَعَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْمُسْتَوْلِدَ يَصِيرُ مُتَمَلِّكًا نَصِيبَ شَرِيكِهِ، وَضَمَانُ التَّمَلُّكِ لَا يَعْتَمِدُ الصُّنْعَ، وَلِهَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ، وَالْإِعْسَارِ هُنَاكَ وَلَوْ مَلَكَ مَحْرَمًا لَهُ بِرَضَاعٍ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا، وَالْعِتْقُ صِلَةٌ تُسْتَحَقُّ بِالْقَرَابَةِ، وَالرَّضَاعُ إنَّمَا جُعِلَ كَالنَّسَبِ فِي الْحُرْمَةِ خَاصَّةً، وَلِهَذَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِحْقَاقُ الْمِيرَاثِ، وَالنَّفَقَةِ، وَلَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْعِتْقُ عَلَيْهِ إذَا مَلَكَهُ كَالْوَثَنِيَّةِ، وَالْمَجُوسِيَّةِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْقَرَابَةِ لَا يُفْتَرَضُ وَصْلُهَا، وَلِهَذَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حُرْمَةُ الْمُنَاكَحَةِ، وَحُرْمَةُ الْجَمْعِ فِي النِّكَاحِ، وَلَوْ مَلَكَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا قَرَابَةٌ؛ وَلِأَنَّ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الزَّوْجِيَّةِ يَرْتَفِعُ بِالْمِلْكِ، وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً، وَهِيَ حُبْلَى مِنْ أَبِيهِ عَتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ أَخَاهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الْأَمَةَ حَتَّى تَضَعَ؛ لِأَنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا حُرًّا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ، وَهَذَا الْوَلَدُ يَصِيرُ مُسْتَثْنَى بِالْعِتْقِ، وَلَوْ اسْتَثْنَاهُ شَرْطًا فِي الْبَيْعِ بَطَلَ الْبَيْعُ فَكَذَلِكَ إذَا صَارَ مُسْتَثْنَى بِالْعِتْقِ، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بَعْدَ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ مَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلِابْنِ فَإِنَّ الْمُسْتَوْلِدَ أَبُوهُ، وَلَا يَصِيرُ الْأَبُ مُتَمَلِّكًا لَهَا عَلَى الِابْنِ؛ لِأَنَّهَا مَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلِابْنِ حِينَ عَلِقَتْ مِنْ الْأَبِ فَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانه، وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
[بَابٌ لِوُجُوهٍ مِنْ الْعِتْقِ]
(قَالَ): - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - ذُكِرَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَلَا مَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute