للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ بَابُ مِيرَاثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ (قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -): اعْلَمْ أَنَّ مُحَمَّدًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَكَرَ هَذَا الْبَابَ قَبْلَ بَابِ الْوَلَاءِ وَزَعَمَ بَعْضُ الْفَرْضِيِّينَ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ بَابَ الْوَلَاءِ لِأَنَّ مَوْلَى النِّعْمَةِ عَصَبَةٌ مُقَدَّمٌ عَلَى ذَوِي الْأَرْحَامِ لَكِنَّا نَقُولُ إنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَحْكَامَ الْمِيرَاثِ بِالْقَرَابَةِ ثُمَّ يُرَتِّبَ عَلَيْهِ بَيَانَ الْمِيرَاثِ بِمَا أُقِيمَ مَقَامَ الْقَرَابَةِ أَوْ لَمَّا بَيَّنَ بَابَ الرَّدِّ وَكَانَ الرَّدُّ بِسَبَبِ الرَّحِمِ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِبَابِ مِيرَاثِ ذَوِي الْأَرْحَام؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا بِالرَّحِمِ كَمَا أَنَّ هُنَاكَ بِالرَّحِمِ وَالْوَلَاءِ نَوْعَانِ وَلَاءُ عَتَاقَةٍ وَوَلَاءُ مُوَالَاةٍ وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ يَتَأَخَّرُ عَنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَلِهَذَا قَدَّمَ هَذَا الْبَابَ ثُمَّ فِي تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَام اخْتِلَافٌ بَيْنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ بَعْدَهُمْ

فَمَنْ قَالَ بِتَوْرِيثِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - عَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ وَمُعَاذُ بْنُ جَبْلٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمَنْ قَالَ بِأَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَلَكِنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ حُكِيَ أَنَّ الْمُعْتَضِدَ سَأَلَ أَبَا حَازِمٍ الْقَاضِيَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَيْرَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِهِ بِمُقَابَلَةِ إجْمَاعِهِمْ. وَقَالَ الْمُعْتَضِدُ أَلَيْسَ إنَّهُ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَقَالَ كَلًّا وَقَدْ كَذَبَ مَنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُمْ وَأَمَرَ الْمُعْتَضِدُ بِرَدِّ مَا كَانَ فِي بَيْتِ الْمَالِ مِمَّا أُخِذَ مِنْ تَرِكَةِ مَنْ كَانَ وَرِثَهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَقَدْ صَدَقَ أَبُو حَازِمٍ فِيمَا قَالَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا أَتَأَسَّفُ عَلَى شَيْءٍ كَتَأَسُّفِي عَلَى أَنِّي لَمْ أَسَلْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ثَلَاثٍ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ أَهُوَ فِينَا فَنَتَمَسَّكُ بِهِ أَمْ فِي غَيْرِنَا فَنُسَلِّمُ إلَيْهِ، وَعَنْ الْأَنْصَارِ هَلْ لَهُمْ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ شَيْءٌ وَعَنْ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَام فَإِنِّي لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا وَلَكِنِّي وَرَّثْتُهُمْ بِرَأْيِي.

وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ التَّابِعِينَ فَمَنْ قَالَ بِتَوْرِيثِهِمْ شُرَيْحٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>