للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسَائِلَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

[بَابُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَمَا يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ]

بَابُ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَمَا يَجِبُ فِيهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ وَمَا يَجُوزُ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَمَا لَا يَجُوزُ (قَالَ): - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمَنْ ابْتَلَعَ جَوْزَةً رَطْبَةً وَهُوَ صَائِمٌ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ابْتَلَعَ لَوَزَّةً رَطْبَةً أَوْ بِطِّيخَةً صَغِيرَةً فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْفِطْرُ بِمَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ عَادَةً فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ يَسْتَدْعِي كَمَالَ الْجِنَايَةِ وَالْجِنَايَةُ تَتَكَامَلُ بِتَنَاوُلِ مَا يُتَغَذَّى بِهِ أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ لِانْعِدَامِ الْإِمْسَاكِ صُورَةً وَمَعْنًى، وَلَا تَتَكَامَلُ الْجِنَايَةُ بِتَنَاوُلِ مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ، وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ يَنْعَدِمُ بِهِ صُورَةً لَا مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مَشْرُوعَةٌ لِلزَّجْرِ وَالطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ تَدْعُو إلَى تَنَاوُلِ مَا يُتَغَذَّى بِهِ وَمَا يُتَدَاوَى بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إصْلَاحِ الْبَدَنِ فَتَقَعُ الْحَاجَةُ إلَى شَرْعِ الزَّاجِرِ فِيهِ وَلَا تَدْعُو الطِّبَاعُ السَّلِيمَةُ إلَى تَنَاوُلِ مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِشَرْعِ الزَّاجِرِ فِيهِ إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ: الْجَوْزَةُ الرَّطْبَةُ لَا تُؤْكَلُ كَمَا هِيَ عَادَةً وَاللَّوْزَةُ الرَّطْبَةُ تُؤْكَلُ كَمَا هِيَ عَادَةً، وَهَذَا إذَا ابْتَلَعَ الْجَوْزَةَ فَأَمَّا إذَا مَضَغَهَا، وَهِيَ رَطْبَةٌ أَوْ يَابِسَةٌ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ذَكَرَهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ تَنَاوَلَ لُبَّهَا وَلُبُّ الْجَوْزِ مِمَّا يُتَغَذَّى بِهِ، وَأَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ مَا يُتَغَذَّى بِهِ، وَبَيْنَ مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ فِي التَّنَاوُلِ، وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ.

وَإِذَا ابْتَلَعَ إهْلِيلَجَةً فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ أَرَادَ بِهِ الدَّوَاءَ أَوْ لَمْ يُرِدْ هَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ سِمَاعَةَ وَهِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ الْكَفَّارَةِ قَالَ: لِأَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ كَمَا هِيَ لِلتَّدَاوِي عَادَةً وَالْأَصَحُّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فَإِنَّ الْإِهْلِيلِجَةَ مِمَّا يُتَدَاوَى بِهِ فَسَوَاءٌ أَكَلَهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ أَوْ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ قُلْنَا أَنَّهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ أَكَلَ مِسْكًا أَوْ غَالِيَةً أَوْ زَعْفَرَانًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تُؤْكَلُ عَادَةً لِلتَّغَذِّي أَوْ لِلتَّدَاوِي.

وَذَكَرَ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ عَجِينًا لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ الْعَجِينَ لَا يُؤْكَلُ عَادَةً قَبْلَ الطَّبْخِ، وَلَا يَدْعُو الطَّبْعُ إلَى تَنَاوُلِهِ وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ: لَوْ أَكَلَ الدَّقِيقَ أَيْضًا لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ عَجِينًا فِي فَمِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى جَوْفِهِ.

(قَالَ): وَلَوْ أَكَلَ حِنْطَةً يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ

<<  <  ج: ص:  >  >>