للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الِابْنَةِ وَالْأُمِّ أَرْبَاعًا فَإِنَّمَا تَضْرِبُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرِينَ فِي أَرْبَعَةٍ فَيَكُونُ سِتَّةً وَتِسْعِينَ مِنْهُ تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ، وَمَا يَكُونُ مِنْ هَذَا النَّحْوِ فَهَذَا الطَّرِيقُ لِتَخْرِيجِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. .

[بَابُ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ]

(قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ يَقُولَانِ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا قَرَابَةَ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَلَهُ قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ وَهُوَ قَوْلُ الزُّهْرِيِّ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا وَالشَّافِعِيُّ وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ يَقُولَانِ عَصَبَةُ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ عَصَبَةُ وَلَدِ أُمِّهِ وَبِهِ أَخَذَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ وَالنَّخَعِيُّ حَتَّى قَالَ النَّخَعِيُّ إذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ عَصَبَةَ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ فَأَمِتْ أُمَّهُ وَانْظُرْ مَنْ يَكُونُ عَصَبَتُهَا فَهُوَ عَصَبَةُ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَصَبَةُ أُمِّهِ وَهِيَ لَهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ بْنِ عُيَيْنَةَ وَاحْتَجَّ لِذَلِكَ بِمَا رَوَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «تُحْرِزُ الْمَرْأَةُ مِيرَاثَ لَقِيطِهَا وَعَتِيقِهَا وَالْوَلَدُ الَّذِي لُوعِنَتْ بِهِ»، ثُمَّ هِيَ عَصَبَةٌ لِعَتِيقِهَا. فَكَذَلِكَ لِوَلَدِهَا الَّذِي لُوعِنَتْ بِهِ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أُمُّ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ أَبُوهُ أُمُّهُ» لِأَنَّهَا تَرِثُ جَمِيعَ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ غَيْرُهُ وَاسْتِحْقَاقُ جَمِيعِ الْمَالِ يَكُونُ بِالْعُصُوبَةِ فَعَرَفْنَا أَنَّهَا عَصَبَتُهُ وَالْحُجَّةُ لِقَوْلِ إبْرَاهِيمَ مَا رُوِيَ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ قَالَ كَتَبْت إلَى صَدِيقٍ لِي بِالْمَدِينَةِ أَنْ «سَلْ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ مَنْ عَصَبَتُهُ فَكَتَبَ فِي جَوَابِهِ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ عَصَبَتَهُ عَصَبَةُ أُمِّهِ»، وَلِأَنَّ الْوَلَدَ مَخْلُوقٌ مِنْ الْمَائَيْنِ وَمَاءُ الْفَحْلِ يَصِيرُ مُسْتَهْلَكًا بِحَضَنَتِهَا فِي الرَّحِمِ وَلِهَذَا يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ فِي الْمِلْكِ وَالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَقَدُّمَ هِيَ فِي الْعُصُوبَةِ لِأَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ مَخْلُوقًا مِنْ مَائِهَا أَظْهَرُ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ بَنَى الْعُصُوبَةَ عَلَى النِّسْبَةِ وَالنِّسْبَةُ إلَى الْآبَاءِ دُونَ الْأُمَّهَاتِ إلَّا إذَا انْعَدَمَتْ النِّسْبَةُ فِي جَانِبِ الْأَبِ فَحِينَئِذٍ تَكُونُ النِّسْبَةُ إلَى الْأُمِّ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَسَبَ عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إلَى أُمِّهِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ.

فَكَذَلِكَ حُكْمُ الْعُصُوبَةِ الْمَبْنِيِّ عَلَى النَّسَبِ يَثْبُتُ لِقَوْمِ الْأُمِّ إذَا انْعَدَمَ فِي جَانِبِ الْأَبِ وَهُوَ نَظِيرُ وَلَاءِ الْعِتْقِ فَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْمُ الْأَبِ. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَاءٌ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ صَارَ مَنْسُوبًا إلَى قَوْمِ أُمِّهِ فَهَذَا كَذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِنَا أَنَّ فِي إثْبَاتِ الْعُصُوبَةِ لِقَوْمِ الْأُمِّ إبْطَالَ الْحُكْمِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَطَ لِتَوْرِيثِ الْأَخِ لِأُمٍّ أَنْ يَكُونَ الْمَيِّتُ كَلَالَةً مُطْلَقَةً فَعَلَى مَا قَالُوا إذَا مَاتَ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>