الْعَرَبِ أَوْ مِنْ الْمَوَالِي، وَفِي هَذَا لَهَا الْخِيَارُ، وَإِنْ رَضِيَتْ هِيَ فَلِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا؛ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ.
(وَالثَّالِثُ:) إنْ كَانَ النَّسَبُ الْمَكْتُومُ دُونَ مَا أَظْهَرَ، وَلَكِنَّهُ فِي النَّسَبِ الْمَكْتُومِ كُفُؤٌ لَهَا بِأَنْ تَزَوَّجَ عَرَبِيَّةً عَلَى أَنَّهُ مِنْ قُرَيْشٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ الْعَرَبِ، وَفِي هَذَا لَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِالْفُرْقَةِ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْخُصُومَةِ لِلْأَوْلِيَاءِ؛ لِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ حَتَّى لَا يُنْسَبَ إلَيْهِمْ بِالْمُصَاهَرَةِ مَنْ لَا يُكَافِئُهُمْ، وَهَذَا غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا، وَلَكِنْ لَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ، وَإِنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ عِنْدَنَا، وَقَالَ زُفَرُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَا خِيَارَ لَهَا كَمَا لَا يَثْبُتُ لِلْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْمُطَالَبَةِ بِالْكَفَاءَةِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ وَلَكِنَّا نَقُولُ: شَرَطَ لَهَا زِيَادَةَ مَنْفَعَةٍ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهَا مِنْهُ صَالِحًا لِلْخِلَافَةِ فَإِذَا لَمْ تَنَلْ هَذَا الشَّرْطَ كَانَ لَهَا الْخِيَارُ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ أَوْ خَبَّازٌ فَوَجَدَهُ لَا يُحْسِنُهُ، وَهَذَا لِأَنَّ فِي الِاسْتِفْرَاشِ ذُلًّا فِي جَانِبِهَا، وَالْمَرْأَةُ قَدْ تَرْضَى اسْتِفْرَاشَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَلَا تَرْضَى اسْتِفْرَاشَ مَنْ هُوَ مِثْلُهَا فَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ غَرَّهَا فَقَدْ تَبَيَّنَ انْعِدَامُ تَمَامِ الرِّضَا مِنْهَا فَلِهَذَا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ.
بِخِلَافِ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهُمْ؛ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ فَقَطْ وَلِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلٌ مِثْلُ قَوْلِنَا وَقَوْلٌ مِثْلُ قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَوْلٌ آخَرُ: أَنَّ النِّكَاحَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ رَجُلٍ هُوَ قُرَشِيٌّ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الرَّجُلُ وَلَكِنَّا نَقُولُ الْإِشَارَةُ مَعَ التَّسْمِيَةِ إذَا اجْتَمَعَا فَالْعِبْرَةُ لِلْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْرِيفَ بِالْإِشَارَةِ أَبْلَغُ، وَبِهَذَا وَنَحْوِهِ نَسْتَدِلُّ عَلَى قِلَّةِ فِقْهِهِ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الْجَوَابِ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ غَيْرُ الْفَقِيهِ، وَمَنْ سُئِلَ عَنْ طَرِيقٍ فَقَالَ: إمَّا مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَإِمَّا مِنْ هَذَا الْجَانِبِ فَيُشِيرُ إلَى الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِالطَّرِيقِ أَصْلًا
(قَالَ:) وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ هِيَ الَّتِي غَرَّتْ الزَّوْجَ وَانْتَسَبَتْ إلَى غَيْرِ نَسَبِهَا فَلَا خِيَارَ لَهُ فِيهِ إذَا عَلِمَ، وَهِيَ امْرَأَتُهُ إنْ شَاءَ طَلَّقَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا؛ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُ لَا يَفُوتُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ غُرُورِهَا لَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ، وَلَا فِي وَلَدِهِ؛ وَلِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّخَلُّصِ مِنْهَا بِالطَّلَاقِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ الْخِيَارِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
[بَابُ النِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ]
(قَالَ:) بَلَغَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَا نِكَاحَ إلَّا بِشُهُودٍ» وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ مَالِكٌ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute