[بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ فِي الطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ]
(قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى طَلَاقِ امْرَأَةٍ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى دُخُولِهِ بِهَا فَقَضَى الْقَاضِي بِالصَّدَاقِ وَالطَّلَاقِ ثُمَّ رَجَعُوا فَعَلَى شُهُودِ الدُّخُولِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْمَهْرِ وَعَلَى شُهُودِ الطَّلَاقِ رُبْعُ الْمَهْرِ)؛ لِأَنَّ شُهُودَ الطَّلَاقِ أَلْزَمُوهُ نِصْفَ الْمَهْرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَوْ انْفَرَدُوا قَضَى الْقَاضِي عَلَى الزَّوْجِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ وَشُهُودُ الدُّخُولِ أَلْزَمُوهُ جَمِيعَ الْمَهْرِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَوْ انْفَرَدُوا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْمَهْرِ فَنِصْفُ الْمَهْرِ اخْتَصَّ بِشُهُودِ الدُّخُولِ بِإِيجَابِهِ عَلَى الزَّوْجِ فَعِنْدَ الرُّجُوعِ ضَمَانُهُ عَلَيْهِمْ وَنِصْفُ الْمَهْرِ اشْتَرَكُوا فِيهِ فَضَمَانُهُ عِنْدَ الرُّجُوعِ عَلَى كِلَا الْفَرِيقَيْنِ نِصْفَانِ فَإِنْ (قِيلَ) لَا كَذَلِكَ بَلْ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ فَمَا أَلْزَمَهُ وَاحِدٌ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ بِمَا شَهِدُوا بِهِ (قُلْنَا) نَعَمْ وَجَبَ جَمِيعُ الْمَهْرِ بِالْعَقْدِ وَلَكِنْ بِمُقَابَلَةِ الْبُضْعِ عَلَى أَنَّهُ فَوَّتَ تَسْلِيمَ الْبُضْعِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَنْتَهِي بِهِ النِّكَاحُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الزَّوْجِ مِنْهُ وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِالْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا وَلَوْلَا شَهَادَةُ شُهُودِ الطَّلَاقِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَوْلَا شَهَادَةُ شُهُودِ الدُّخُولِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْمَهْرِ وَلَكِنَّهُمَا حِينَ شَهِدَا بِوُجُودِ التَّسْلِيمِ قَبْلَ ظُهُورِ الْفُرْقَةِ فَكَأَنَّهُمَا أَلْزَمَاهُ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَحِينَ شَهِدَا الْآخَرَانِ بِالْفُرْقَةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ مُضَافًا إلَى الزَّوْجِ فَكَأَنَّهُمَا أَلْزَمَاهُ نِصْفَ الْمَهْرِ فَيَجِبُ ضَمَانُ ذَلِكَ عِنْدَ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَهْرِ بِشَهَادَتِهِمْ فَكَأَنَّهُمْ غَصَبُوهُ ذَلِكَ: أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ النِّصْفَ، وَالْفَرِيقُ الْآخَرُ الْكُلَّ.
وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ وَحْدَهُ ضَمِنَ رُبْعَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الَّذِي اخْتَصَّ شُهُودُ الدُّخُولِ بِإِلْزَامِهِ بَقِيَ فِيهِ امْرَأَتَانِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَبِبَقَائِهِمَا يَبْقَى نِصْفُ ذَلِكَ النِّصْفِ فَيَجِبُ عَلَى الرَّاجِعِ نِصْفُ ذَلِكَ النِّصْفِ وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ قَدْ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ حُجَّةٌ تَامَّةٌ وَلَوْ رَجَعَ شَاهِدُ الطَّلَاقِ وَحْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ فِي النِّصْفِ الَّذِي لَزِمَ بِشَهَادَةِ شُهُودِ الطَّلَاقِ قَدْ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ حُجَّةٌ كَامِلَةٌ، وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ الدُّخُولِ كُلُّهُمْ ضَمِنُوا النِّصْفَ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ قَدْ بَقِيَ عَلَى الشَّهَادَةِ حُجَّةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ كَانَ شُهُودُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute